والحقّ مذهب الإماميّة أنّه لا يقع منهم الكبيرة و (١) الصغيرة ، عمدا وسهوا من أوّل العمر إلى آخره ، لأنّه لو بعث من يعصي لنقض غرضه ، إذ الغرض تعريف المصالح ، ولا يتمّ إلّا بقبول قوله والطمأنينة إليه ، ومتى جوّز العصيان لم يسكن إليه ، ولأنّه يجوز أن يؤدّي بعض ما لم يؤمر أو ينقص (٢) ويكون منزّها عن دناءة الآباء وعهر الامّهات ، لكونه منفّرا عنه فيخلّ بالغرض (٣).
أقول :
العصمة لطف يفعله الله تعالى بالمكلّف لا يكون (٤) معه داع إلى ترك الطاعة وفعل المعصية مع إمكان وجوده (٥) ، وبعض الناس جعل المعصوم غير متمكّن من (٦) المعصية ، وهو خطأ وإلّا لم يستحقّ (٧) الثواب ، فلم يكن له فضيلة في ذلك ، فإذن الحقّ بقاء المعصوم على الاختيار ، فإذا حصلت للإنسان ملكة مانعة من الفجور والإقدام على المعاصي وانضاف إلى تلك الملكة العلم بما (٨) في الطاعة من السعادة وفي المعصية من الشقاوة مع خوف المؤاخذة على ترك الأولى والفعل المنهي (٩) فقد تكمّلت شرائط العصمة.
__________________
(١) في «ج» «ف» زيادة : (لا).
(٢) راجع رسالة في عدم سهو النبي صلىاللهعليهوآله للشيخ المفيد.
(٣) انظر كشف المراد (تحقيق الآملي) : ٤٧٢ وفي تحقيق السبحاني : ١٥٧ ، نهج الحق : ١٥٨ ، بحار الأنوار ١٧ : ١٠٩ وج ٦٤ : ٢٥٠ ، النافع يوم الحشر : ٩٠.
(٤) في «ج» «ر» «ف» زيادة : (له).
(٥) انظر تصحيح اعتقادات الإماميّة للمفيد : ١٢٨ ، النكت الاعتقاديّة : ٣٧.
(٦) في «ف» (ممكن من فعل) ، وفي «ج» «ر» : (متمكن من فعل) بدل من : (متمكن من).
(٧) في «أ» «د» : (لما استحقّ) بدل من : (لم يستحقّ).
(٨) في «ج» «ف» : (بأنّ).
(٩) في «ب» : (المنسي) ، وفي «أ» : (المسيء).