أقول :
هذا جواب عن سؤال أورده المتكلّمون ، وهو أنّهم قالوا : إنّ اقليدس برهن في المقالة الثالثة على وجود زاوية حادّة هي أصغر الزوايا (١) ، فنقول : تلك الزاوية لا تنقسم وإلّا لوجد ما هو أصغر منها فيلزم ثبوت الجزء.
وتقرير الجواب : أنّ اقليدس برهن على وجود زاوية حادّة مستقيمة الخطّين هي (٢) أصغر من كلّ زاوية حادّة مستقيمة الخطّين تفرض ، ولا يلزم من ثبوت أصغر زوايا المستقيمة (٣) الخطوط ثبوت أصغر زاوية مطلقا (٤).
[البحث في الخلأ]
قال :
مسألة : الخلأ (٥) حقّ وإلّا لكانت الحركة محالة إذ تستدعي مكانا ، فإمّا أن يلزم التداخل أو الدور.
__________________
(١) قد جاء في المباحثات لابن سينا : ٣٦٣ ، والمواقف : ١٨٧ ، وشرح المواقف ٧ : ١٦ أن اقليدس قال ذلك في الشكل الخامس عشر من المقالة الثالثة من كتاب الأصول.
(٢) في «د» : (على).
(٣) في «ب» «س» «د» : (المستقيم).
(٤) انظر المباحث المشرقيّة ٢ : ٤٢ ، نهاية المرام للمصنّف ٢ : ٤٣٦.
(٥) قال الجرجاني في كتاب التعريفات : ١٣٥ ، الخلأ هو البعد المفطور عند أفلاطون ، والفضاء الموهوم عند المتكلّمين ، أي الفضاء الذي يثبته الوهم ويدركه من الجسم المحيط بجسم آخر ، كالفضاء المشغول بالماء أو الهواء في داخل الكوز ، فهذا الفراغ الموهوم هو الذي من شأنه أن يحصل فيه الجسم ، وأن يكون ظرفا له عندهم ، وبهذا الاعتبار يجعلونه حيّزا للجسم ، وباعتبار فراغه عن شغل الجسم إيّاه يجعلونه خلأ ، فالخلاء عندهم هو هذا الفراغ مع قيد ألّا يشغله شاغل من الأجسام فيكون لا شيئا محضا لأنّ الفراغ الموهوم ليس بموجود في الخارج ، بل هو أمر موهوم عندهم ، إذ لو وجد لكان بعدا مفطورا ، وهم لا يقولون به ، والحكماء ذاهبون إلى امتناع الخلأ ، والمتكلّمون إلى إمكانه. (انظر شرح المصطلحات الكلامية : ١٤٢ / ٥١٢).