أقول :
مذهب الجمهور من الحكماء أنّ النفس لا تعدم ، وهو (١) مذهب جماعة من المسلمين (٢) ، وقيل بجواز ذلك وهو الحقّ ، والدليل عليه أنّها ممكنة الوجود والعدم فيصحّ عدمها.
واحتجّت الفلاسفة بأنّ النفس لو صحّ عدمها لكانت من حيث هي موجودة فيها حفظ البقاء ، ومن حيث يصحّ عدمها فيها قبول العدم ، وهما عرضان متغايران ، ولا يجوز أن يكون ما يحفظ البقاء يقبل العدم ، وإلّا لكان كلّ حافظ للبقاء كذلك ، فإذن القابل للعدم ليس هو الحافظ للوجود فيكون كلّ قابل للعدم مركّبا والنفس غير مركّبة.
وهذه الحجّة عندي باطلة فإنّه لا استبعاد في اجتماع القبول والحفظ لشيء واحد ، وإلّا لزم نفي الإمكان ، هذا خلف.
[في إدراك النفس للجزئيّات وعدمه]
قال :
ولا تعقل الجزئيّات لذاتها لإدراك مربّعين متساويين يتخلّلهما آخر ، ولا مائز إلّا المحلّ وليس خارجيّا (٣) فهو ذهنيّ.
أقول :
ذهبت الفلاسفة إلى أنّ النفس لا تدرك الجزئيّات بذاتها ، بل لا بدّ لها من آلات
__________________
(١) في «د» : (وهذا).
(٢) الإشارات والتنبيهات مع الشرح ٣ : ٢٩٠ ، وحكاه الفخر الرازي في المطالب العالية ٧ : ٢٣٥.
(٣) في «د» : (خارجا).