تنطبع تلك الجزئيّات فيها فتدركها النفس (١) ، واحتجّوا على ذلك بأنّا ندرك مربّعين متساويين يتخلّلهما مربّع آخر وندرك التفرقة بينهما بالمائز (٢) بين المربّعين ليس أمرا خارجيّا ، لأنّا نفرض المربّعين في الذهن فلم يبق المائز (٣) إلّا بالمحلّ ، وهو أن يكون أحد المربّعين حالّا في محلّ ، والآخر حالّ (٤) في الآخر (٥) ، وما ليس بجسم لا ينقسم ، فمحلّ المربّعين جسم ، وهو آلة النفس (٦).
[في آلات النفس]
قال :
وآلاتها حسّ مشترك لإدراك النقطة خطّها (٧).
أقول :
لمّا فرغ من إثبات النفس وأحكامها شرع في آلاتها.
واعلم أنّ النفس لمّا لم تدرك الجزئيّات بذاتها ـ على ما مرّ ـ ولا تدرك الكلّيّات إلّا باقتناصها من الجزئيّات وجب في حكمة الله تعالى خلق آلات للنفس تدرك بها الامور الجزئيّة والآلات النفسانيّة ، إمّا آلات التأدية وإمّا آلات الإدراك ، والصنف الأوّل هي الحواس الظاهرة الخمس ، فإنّها تؤدّي المحسوسات إلى الآلات الباطنة التي هي آلات الإدراك.
__________________
(١) حكاه الخواجة نصير الدين الطوسي في تلخيص المحصّل : ٣٨٨ عن أرسطاطاليس وأبي علي.
(٢) في «د» «ر» : (فالمائز).
(٣) في «د» : (التمايز).
(٤) في «ج» «ر» : (حالّا).
(٥) في «ب» «د» «ر» «س» : (آخر).
(٦) تلخيص المحصّل : ٣٨٨.
(٧) في «ب» «د» «ر» «س» : (خطا).