أن يشاهدها كلّ من له حسّ سليم (١).
واعلم أنّ وجود جسم لطيف بمعنى الشفافيّة لا بمعنى الرقّة (٢) أمر ممكن ، وهو المعني بإمكان الجنّ ، ونقل عن بعض المعتزلة أنّ الملائكة والجنّ والشياطين من نوع واحد ، ويختلفون باختلاف الآثار ؛ فالذين لا يفعلون إلّا الخير هم الملائكة ، والذين لا يفعلون إلّا الشرّ هم الشياطين ، والذين يتوسّط أفعالهم بين الخير والشرّ هم الجنّ.
والأخبار التي وردت بمشاهدة الجنّ لبعض الناس تلقّته الفلاسفة بالقبول ، وأسندوه إلى الخيال ثمّ ارتسامه في الحسّ المشترك (٣).
[في نفوس السماء]
قال :
وأثبتوا نفوس السماء بتحرّكها اختيارا إذ الطبع لا يطلب متروكه فلا قسر ، وأقوى قولهم فيها : إنّها مفارقة وإرادتها بالحركة التشبّه بالعقل في استخراج كمالاتها إلى الفعل وإلّا لوقفت.
أقول :
قد بيّنّا أنّ الحركة لا تصدر عن ذات (٤) الجسم ، وإنّما تصدر عن قوّة اخرى ، وهي إمّا طبيعيّة أو قسريّة أو إراديّة ، والحركة الدوريّة لا يمكن أن تكون طبيعيّة
__________________
(١) حكاه الرازي في تفسيره ١ : ٧٦ وج ٢ : ١٦٠ ، تفسير البيضاوي ١ : ٢٧٩.
(٢) في «ج» «ر» : (رقّة القوام) بدل من : (الرقّة).
(٣) انظر شرح المقاصد ٢ : ٥٤.
(٤) في «س» : (الذات).