الأعيان ، فإذا أراد (١) إعادته أعاده بعينه (٢) ، وتميّز عن المخلوق ابتداء ، لثبوتهما معا ، وهذا التخلّص عندهم باطل ، فإنّ مذهبهم أنّ الوجود ليس بثابت في العدم ، فإذا ارتفع ذلك الوجود عند الإعدام انتفى الوجود نفيا محضا ، فإذا أعاد الله تعالى المعدوم أعاده بذلك الوجود الذي كان أوّلا (٣).
فقد اعترفوا هاهنا أنّ المعدوم المعاد لا يجب أن (٤) يكون ثابتا ، قالوا : والدليل على أنّ المعاد هو الوجود الأوّل لا وجود آخر أنه يستحيل اتّصاف الماهيّة بوجودين في وقتين ، لأنّه لو صحّ ذلك لأمكن اتّصافها بهما في وقت واحد ، لأنّ الذات إذا قبلت الاتّصاف بالوجود (٥) الثاني في وقت كانت قابلة له في كلّ وقت ضرورة كون القبول من لوازم الماهيّة ، لكن يستحيل اتّصاف الماهيّة بالوجودين في وقت واحد لاستحالة التزايد في الوجود.
[في كيفيّة إعدام العالم]
قال :
واختلفوا في كيفيّة الإعدام ، فعندنا التفرّق على ما مرّ ، وبشر (٦) يقول : لا يفعل البقاء ، وهو قول الكعبي ، غير أنّ الكعبي يقول : البقاء محلّه الباقي ، وبشر يقول :
__________________
(١) في «د» زيادة : (الله).
(٢) في «د» : (أعاد نفسه).
(٣) أوائل المقالات : ٢٠٧ ، المواقف ٣ : ٤٦٦ ، شرح المواقف ٨ : ٢٨٩ ، قواعد المرام لابن ميثم : ١٤٧.
(٤) (يجب أن) لم ترد في «د» «س».
(٥) (بالوجود) لم ترد في «س».
(٦) هو بشر بن المعتمر الهلالي رأس معتزلة بغداد ، وكان من شعرائهم توفّي سنة ٢١٠ هجريّة ، تنسب إليه الفرقة البشرية وكان يعيش في عصر هارون الرشيد. تاريخ المعتزلة فكرهم وعقائدهم : ٩٠.