وأولى من قول من قال : النظر ترتيب علوم (١) لأنّه يخرج منه ترتيب باقي الاعتقادات ، إلّا أن يؤخذ (٢) العلم على الوجه الأعمّ ، فيكون قد استعمل المشترك أو المجاز (٣) ، وكلاهما اغلوطة في الحدّ.
واعلم أنّ التعريف قد يكون بالعلّة الماديّة كما يعرف الكوز بأنّه وعاء صفريّ أو خزفيّ كذا وكذا ، وقد (٤) يكون بالعلّة الغائيّة كقولنا في حدّه : إنّه آلة يشرب بها (٥) الماء ، وقد يكون بالصورة (٦) كما نقول : إنّه آلة شكله كذا (٧) ، وقد يكون بالفاعل كما نقول : إنّه شيء يصنعه الخزّاف.
وأكمل الحدود ما اشتمل على الأربع. وهذا الحدّ قد اشتمل على العلل الأربع ؛ أمّا الصورة فهي الترتيب ، وأمّا المادّة فهي المقدّمات ، وأمّا الغاية فهي التوصّل.
وفي قولنا «ليتوصّل» إشارة إلى الفاعل وهو الناظر ، فيكون هذا الحد أكمل الحدود.
قال :
فإن صحّت المادّة والصورة فصحيح وإلّا ففاسد.
أقول :
كلّ مركّب فإنّه يشتمل على أجزاء يتركّب منها وعلى صوره حصلت بالتركيب ،
__________________
(١) شرح المقاصد للتفتازاني ١ : ٢٢٩.
(٢) في «أ» «ف» : (نأخذ).
(٣) في «س» زيادة : (في الحدّ).
(٤) في «أ» : (أو) بدل من : (وقد).
(٥) في «ف» : (به).
(٦) في «ف» : (بالصوريّة).
(٧) في «ف» زيادة : (وكذا).