والأولى هي الأجزاء الماديّة ، والثانية هي الجزء الصوريّ. ولمّا كان النظر مركّبا من مقدّمات كانت له أجزاء ماديّة وأجزاء صوريّة ، ثمّ لمّا كان بعض المركّبات قد يتركّب من أجزاء ماديّة ، و (١) تلك الأجزاء الماديّة مركّبة أيضا من أجزاء أخر كان للأجزاء القريبة لتلك المركّبات موادّ وصور ، والنظر من هذا القبيل فإنّه مركّب (٢) من مقدّمات ، والمقدّمات تتركّب من طرفين فيكون للمقدّمات أجزاء ماديّة وصوريّة أيضا.
إذا تقرّر هذا فنقول : صحّة النظر إنّما تكون بصحّة المقدّمات ، أي بكونها مطابقة للأمر نفسه وبصحّة الترتيب على معنى كونه من أحد الأشكال المنتجة ، ومتى فسد أحد هذين الجزءين كان النظر فاسدا ، وجاز نسبة الصحّة والفساد إلى الموادّ لكونها مركّبة ، فإنّ الموادّ البسيطة لا توصف بالصحّة ولا بالفساد.
[النظر يستلزم العلم أم لا؟!]
قال :
يستلزم (٣) الجهل إن فسد من المادّة وإلّا فلا.
أقول :
ذهب الجمهور من المتكلّمين إلى أنّ النظر الفاسد لا يستلزم الجهل (٤) ،
__________________
(١) الواو سقطت من «أ» «ب» «ج» «د».
(٢) في «ف» : (يتركب).
(٣) في «س» «ف» : (ويستلزم).
(٤) قال الفخر الرازي في كتاب المحصّل : ١٣٧ النظر الفاسد لا يولد الجهل ولا يستلزمه عند الجمهور منّا ومن المعتزلة ، وانظر شرح المقاصد للتفتازاني ١ : ٢٥٢.