تكون معلومة من جهة التصوّر مجهولة من جهة الحكم فمن جهة أنّه معلوم تكون (١) النفس شاعرة به ، ويصحّ توجّهها بالطلب نحوه ، ومن جهة أنّه مجهول لا يكون الطلب طلبا لتحصيل الحاصل.
[وجوب النظر عقليّ]
قال :
وهو واجب عقلا ووجوبه مشروط بعدم العلم.
أقول :
المعتزلة على أنّ وجوب النظر عقليّ ، والأشاعرة على أنّه سمعيّ (٢) ، وقد ادّعي هنا أنّ وجوبه عقليّ. وقبل : الاستدلال على ذلك ذكر كيفيّة وجوبه (٣).
واعلم أنّ الوجوب على قسمين : مطلق ومشروط. فالواجب المطلق يستلزم وجوبه وجوب ما يتوقّف عليه من شروطه كالصلاة ، والواجب المشروط لا يستلزم وجوبه وجوب ما يتوقّف عليه (٤) كالزكاة (٥) ، والنظر هاهنا مشروط ، وهذا الكلام جواب لسؤال مقدّر وتقريره أن نقول : لو كان النظر واجبا وهو لا يتمّ
__________________
(١) في «ف» : (بكون).
(٢) الشامل في أصول الدين : ٢١ ، شرح المقاصد للتفتازاني ١ : ٢٦٢ ، وحكاه عنهما الخواجة نصير الدين الطوسي في تلخيص المحصّل : ٥٨.
(٣) لما عرّف النظر وذكر أنه يفيد العلم وبيّن أقاويل العلماء في كيفيّة إرادته وأراد المشكل المشهور عليه وأجاب عنه شرع في بيان وجوبه ، وقد اختلف في ذلك فالمعتزلة إلى آخره.
(٤) في «ف» زيادة : (من شروطه).
(٥) المطلق هو الذي ذكره الشارع ولم يذكر شرطه كقوله تعالى ، والمشروط هو الذي ذكره الشارع مع شرطه كقوله : إن كان لك مال فزكّه.