أقول :
لمّا ذكر أنّ من الدلائل ما يكون عقليّا محضا ، وأنّ منها ما يكون مركّبا من النقليّ والعقليّ ، أشار إلى ضابط الأدلّة العقليّة والنقليّة بالنسبة إلى المطالب ، وذلك بأن نقول (١) : كلّ مقدّمة يتوقّف السمع عليها لا يجوز إثباتها بالسمع وإلّا لزم الدور.
بيان ذلك : أنّ الأدلّة السمعيّة بأسرها تتوقّف على صدق الرسول وعلى وجود الله تعالى وكونه قادرا عالما ، فلا يجوز إثبات مثل (٢) هذه المطالب بالسمع ، وكلّ ما يكون نسبة وجوده وعدمه في العقل بالسويّة فإنّه لا يجوز إثباته بالعقل وإلّا لكان ترجيحا من غير مرجّح كالأحكام الشرعيّة بأسرها ، فإنّ العقل يجوّز وجودها ويجوّز عدمها فلا مجال للعقل فيها ، وإنّما تثبت بالنقل (٣) ، وما عدا هذين يجوز إثباته بالعقل والنقل ، وذلك مثل كون الله تعالى واحدا وكونه سميعا بصيرا متكلّما غير مرئيّ ، فإنّ هذه صفات لا يتوقّف النقل عليها فجاز إثباتها به ، وفي العقل ما يوجب التصديق بها فجاز إثباتها بالعقل أيضا.
[طرق الاستدلال :
القياس ، الاستقراء ، التمثيل]
قال :
والاستدلال إمّا بالعامّ على الخاصّ أو بالعكس أو بالمساوي.
__________________
(١) في «أ» (يقول) ، وفي «د» : (نقول : إنّ).
(٢) (مثل) ليست في «د».
(٣) في «ف» : (بالعقل) ، وفي «ب» لم ترد (وإنّما تثبت بالنقل).