وحيث اشكل عليهم الأمر في باب الصلاة المعادة جماعة من حيث إنّ قضيّة كون مطلوبيّة الصلاة بلحاظ صرف الوجود وامتناع الامتثال عقيب الامتثال بطلانها ، ومع ذلك ورد النص الصريح بصحّتها كقوله عليهالسلام : «يختار الله أحبّهما إليه» جعلوا هذا محملا للصحّة ، ببيان أنّ ما هو المطلوب في حدّ ذاته غير المطلوب من المكلّف ، فرفع العطش في المثال مطلوب للآمر وليس مطلوبا إيجاده من المأمور ، بل يحصل بفعله ، وفعل الأمر مفاد المطلوب منه إنّما هو إتيان الماء فقط ، ولا شكّ أنّه يحصل ويسقط بالفرد الأوّل ، فيمكن أن يأتي المأمور بداعي المطلوب الذاتي الذي لم يسقط بعد بالفرد الثاني ويصرفه الآمر في مصرف الفرد الأوّل ، وكما يمكن ذلك في حقّ البشر فكذا في حقّه تعالى ، غاية الأمر أنّ المطلوب الذاتي له تعالى أبدا ينفع بحال العبد ويعود إليه ، وللبشر قد يكون كذلك وقد يعود إلى نفسه.
لكن لهم شبهة اخرى في باب صحة صلاة من جهر في صلاته مقام الإخفات أو عكس ناسيا أو جاهلا ولو جهلا لا يعذر فيه ، كما هو قضيّة إطلاق لفظ «لا يدري» في الخبر وعدم لزوم الإعادة عليه لا في الوقت ولا في خارجه كما هو قضيّة قوله عليهالسلام فيه : «تمّت صلاته» وهي : أنّ الجاهل المقصّر كيف يحكم عليه المولى إذا علم بالمسألة في الوقت بأنّه لا يلزم عليك الإعادة بل صلاتك مجزية ومع ذلك اعاقبك على ترك كيفيّة الصلاة من الجهر أو الإخفات ، مع أنّ العقل حاكم بأنّ اللازم حينئذ إلزامه بالإعادة ورفع العقاب عنه لفرض بقاء الوقت.
وأجابوا عنها بأنّه يمكن أن يكون للمولى غرض أقصى متعلّق بالصلاة بالجهر أو الإخفات ، لكنّه إذا انعدمت الكيفيّة فنفس الصلاة أيضا مشتملة على مقدار مصلحة واجب ، فالصلاة مع الكيفيّة ذات مصلحتين ملزمتين إحداهما قائمة بنفسها والاخرى بكيفيتها ، وعلى هذا يصير الحكم بصحّة الصلاة وعقوبة المكلّف كلاهما صحيحا.
أمّا الأوّل فلأنّه قضيّة قيام المصلحة الملزمة بنفس الصلاة ، وأمّا الثاني فلأنّه يلزم من صحّة الصلاة وسقوطها عن المكلّف فوات محلّ المصلحة الملزمة القائمة بالكيفيّة و