ولازم النحو الرابع ـ وهو أن تكون الزيادة واجب الاستيفاء وغير ممكنة ـ حصول الإجزاء وعدم وجوب الإتيان بالفعل التام عند عود التمكّن ؛ للغويّته بعد عدم إمكان إحراز المصلحة الفائتة به ، وعلى هذا لا يجوز للآمر الأمر بالناقص بمجرّد حصول العجز في بعض الوقت مع العلم بزواله في آخره أو رجاء ذلك ، ولا للمكلّف سلب التمكّن من نفسه لمنافاة جوازهما ، للزوم الزيادة وعدم إمكان استيفائها.
ولازم النحو الخامس وهو أن تكون الزيادة غير لازم الاستيفاء واضح أنّه الإجزاء وجواز البدار ؛ لعدم لزوم استيفاء الزيادة.
المقام الثاني : اعلم أنّه يمكن استظهار عدم وجوب إعادة الفعل كاملا على من أتى به ناقصا للعجز إذا تمكّن منه كاملا من قوله تعالى : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا) الخ، وبيانه أنّه إذا توجّه من المولى الخطاب العام بالصلاة إلى جميع المكلّفين فقال : اقيموا الصلاة ثمّ قال بعد ذلك : إذا أردتم الصلاة فالواجد منكم للماء لا بدّ أن يتوّضأ والفاقد أن يتمّم والجنب أن يغتسل فلا شكّ أنّ الظاهر من هذا عرفا أنّ هذه الحقيقة الواحدة المطلوبة من الجميع يختلف كيفيّة امتثالها باختلاف الأشخاص ، وأنّ الفعل الناقص من الفاقد يقوم مقام الكامل من الواجد ويفيد فائدته من إسقاط ذاك الأمر العام ، وأنّ ذلك من باب قيام الركعتين من المسافر مقام الأربع ركعات من الحاضر ، لا من باب ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه.
وعلى هذا فأحد الحكمين ليس في طول الآخر بل كلاهما في عرض واحد ومرتبة واحدة ، وتوصيف أحدهما بالأوليّة والآخر بالثانويّة إنّما هو باعتبار حال متعلّقهما لا نفسهما ، حيث إنّ الاختيار والقدرة هو مقتضى الطبيعة الأوّلية لنوع المكلّفين ، فيكون الاضطرار عنوانا ثانويّا على خلاف الأصل.
فيعلم ممّا استفيد من الآية من الإجزاء أنّ فعل المضطرّ لا يخلو إمّا أن يكون محصّلا لعين مصلحة فعل المختار كما هو النحو الأوّل ، أو مع زيادة في الثاني غير لازم الاستيفاء كما هو النحو الخامس ، أو مع زيادة فيه لازم الاستيفاء وغير ممكنة كما هو النحو الثالث.