وذلك لأنّ العقل كما أنّه مستقلّ فيما إذا علم العبد بتوجّه الخطاب إليه في زمان علمه ثمّ شكّ في الزمان البعد في حصول المبرئ وعدمه بوجوب تحصيل اليقين بالبراءة وعدم صلاحيّة احتمال خصوص المبرئ حجّة له عند مولاه على تقدير عدم حصوله واقعا ، فكذلك هو مستقلّ بهذا الحكم فيما إذا علم في الزمان اللاحق بتوجّه الخطاب إليه في الزمان السابق ، وشكّ في هذا الحال في بقاء الخطاب لاحتمال حصول المسقط قبل ذلك اتّفاقا بلا فرق ، مثلا لو علم في أوّل الظهر بتوجّه خطاب توصّلي إليه قبل ذلك ممتدّ من أوّل الطلوع إلى الغروب ولكن احتمل أن يكون قد تبرّع بالفعل متبرّع فيكون التكليف عنه ساقطا ، فهو وإن كان في زمان علمه شاكّا في فعليّة التكليف وبقائه ، وفي زمان فعليّته وهو زمان ما قبل الظهر غير عالم به ، لكنّ العقل يحكم عليه بوجوب الإتيان وعدم قبح العقاب على تقدير عدمه وعدم حصول التبرّع من الغير.
وبالجملة ، فيكفي في حكم العقل بالاشتغال العلم بثبوت التكليف الفعلي في زمان ما وإن لم يكن هذا الزمان ظرفا للعلم.
ومن هنا يظهر أنّه على القول بكون العلم الإجمالي منجّزا للتكليف لا فرق بين أن يكون العلم بنجاسة أحد الإنائين مثلا حاصلا قبل خروج أحدهما عن مورد الابتلاء ، وبين أن يكون حاصلا بعده في وجوب الاجتناب عن الإناء الآخر ؛ لحصول العلم بتوجّه خطاب «اجتنب عن النجس» في كلتا الصورتين وإن كان هذا العلم في الصورة الثانية حاصلا في زمان الشكّ في بقاء الخطاب.
هذا فيما إذا انكشف خطاء الأمارة بعد العمل في الوقت ، وكذا لو انكشف في خارجه ؛ فإنّ المكلّف قد فاته حينئذ مصلحة الواقع من دون تداركه بشيء بالفرض ، فيشمله قوله : اقض ما فات ، فإنّ القضاء ليس تابعا لترك الفعل في الوقت عصيانا ، بل تابع لفوت المصلحة ولهذا يجب على النائم في تمام الوقت.
فعلم أنّ القاعدة الأوّليّة بناء على الطريقيّة هو عدم الإجزاء لو انكشف الخطاء بعد العمل ، فإن لزم من ذلك في بعض الموارد العسر الشديد والحرج الأكيد ـ كما لو