الخمر بداعي نفس هذا العنوان ، وقد يكون بمجرّد الالتفات إلى نفس العنوان مع كون الداعي له عنوانا آخر ، كما لو شرب الخمر مع العلم بكونه خمرا بداعي رفع العطش لا شرب الخمر ، فيمكن أن يكون المقصود خصوص القسم الأوّل من هذين القسمين وأن يكون هو الأعمّ منه ومن الثاني.
فالمقصود في هذا المقام هو البحث عن أنّ الأمر هل يكون له ظهور في تشخيص هذه الوجوه أولا ظهور له مطلقا أو يفصّل ، ثمّ على تقدير عدم الظهور فالأصل العملي الذي هو المرجع حينئذ ما ذا؟
فنقول وبالله الاستعانة : القيد على قسمين ، الأوّل : ما يحتاج إليه الطلب ولا يصحّ بدونه ، والثاني غيره ، وكلّ منهما إمّا مذكور في الكلام وإمّا غير مذكور ، والقسم الأوّل أعني ما يتوقّف عليه حسن الطلب إمّا أن يكون دخيلا في المطلوب والغرض الأصلي أيضا وإمّا لا ، فإن لم يكن مذكورا في القضيّة فالظاهر عدم دخل له في الغرض ، ويعبّر عن ذلك بإطلاق المادّة ، ولذا لمّا كان دليل وجوب الصلاة مطلقا يحكم بمطلوبيّتها في حقّ النائم مع عدم قدرته على الصلاة ، ومن هنا يجب عليه القضاء مع كونه تابعا للفوت الغير الصادق إلّا مع ثبوت المقتضي في حقّه.
والدليل على ذلك أنّ المولى لمّا صار بصدد بيان محبوبه وغرضه ، فكلّما كان له دخل في غرضه دلّ عليه ، فما لم يدّل عليه يستكشف عدم دخل له في هذا المقام وإن كان له دخل في تعلّق الطلب ، وعلى هذا فلو قال انقذ الغريق من دون التقييد بالقدرة يلزم الحكم بشمول المحبوبيّة لجميع الأفراد حتّى فيما لو اجتمع غريقان ولم يتمكّن المكلّف إلّا من إنقاذ أحدهما ، وأمّا لو كان هذا القيد مذكورا في الكلام كما لو قال : اضرب زيدا إن قدرت عليه ، فلا يمكن الحكم بتقييد المادّة ولا بإطلاقها ، بل يحكم بإجمالها ، وذلك لعدم العلم بأنّ ذكر القيد يكون لأجل مدخليّة له في المطلوب أو لتوقّف الطلب عليه ، فالمانع عن الأخذ بأصالة الإطلاق في طرف المادّة موجود ؛ إذ من موانع الأخذ بأصالة الإطلاق وجود ما يصلح للقيديّة في الكلام ، كما أنّ من موانع الأخذ بأصالة الحقيقة وجود ما يصلح للقرينيّة فيه ، فيعمل بمقتضى الاصول.