الدالّة على صحّة النيابة عن الميّت.
فعلم أنّ للعامل قصدين طوليين ، أحدهما : قصد إيجاد الصلاة بقصد تقرّب الميّت ، والعمل بلحاظ هذا القصد يعبّر عنه بالنيابة ولا يضاف إلّا إلى العامل ، والثاني : قصد تقرّب الميّت بالأفعال المخصوصة والعمل بهذا الاعتبار صلاة يضاف إلى الميّت وهو متقرّب به.
ثمّ إنّه قد يترتّب الثواب على العمل باعتباره الأوّل أيضا كما لو كان متبرّعا فيكون له ثواب الإحسان ، وقد لا يترتّب ، فلا ينافي عدم ترتّب الثواب والقرب على العمل لنفس هذا العامل بهذا الاعتبار ترتّبهما عليه للميّت بالاعتبار الآخر ، ثمّ بعد ما ثبت بأخبار التبرّع أنّ أصل العمل نافع بحال الميّت ، غاية الأمر أنّ للتبرّع أيضا ثواب الإحسان ، وكان من القواعد المسلّمة أنّ ميزان صحّة الاستيجار كون العمل بحيث يرجع منه نفع إلى الغير ، كان الاستيجار في المقام بلا مانع ، لكن مع إحراز إمضاء الشرع للنيابة في خصوص كلّ عبادة كما في الحجّ.
وهنا وجه آخر لدفع الإشكال ولكن لا يستقيم معه صحّة الاستيجار على العبادة وهو أن يقال : إنّ مطلوب الشارع في العبادات وجود أصل العمل مع حصول قرب في الجملة في مقابل التوصّليّات ، حيث إنّ المطلوب فيها ليس إلّا صرف وجود العمل ، سواء حصل معه قرب لأحد أم لا ، وأمّا لزوم كون القرب المعتبر في العبادات حاصلا للمأمور فليس عليه دليل بل يكفي حصوله لغيره.
كما لو كان المطلوب في الصلاة أعمّ من مباشرة نفس المأمور ونائبه ، فيكفي حينئذ في سقوط الأمر العبادي عن المأمور صدور العبادة عن النائب على وجه أوجب القرب له ، فيندفع أصل الإشكال كما هو واضح ، وكذا إشكال عدم تعقّل داعويّة الأمر المتوجّه إلى المأمور لغيره ؛ لما فرض من كون الغرض أعمّ من مباشرة نفس المأمور.
وربّما يستأنس لهذا أعني : عدم لزوم حصول القرب في العبادة لنفس المأمور في سقوط الأمر بها بما ذكروه في باب الزكاة التي هي من العبادات ، ويتوقّف إجزائها