المقام الثاني
لو شكّ في قبول عبادة خاصّة للنيابة فمقتضى القاعدة عدمه ؛ إذ الظاهر من الصيغة هو المباشرة بالبدن فيكون المباشرة قيدا مذكورا في الكلام ، مع عدم توقّف حسن الطلب عليه ، فيكون ظاهرا في تقييد المادّة على ما مرّ.
الأمر الثاني
ينقسم الواجب باعتبار إلى مطلق ومشروط ، فالأوّل ما لا يتوقّف وجوبه على شيء ، والثاني بخلافه ، واورد على هذا التقسيم إشكالان ينبغي التعرّض لهما ولدفعهما أوّلا ثمّ التكلّم في ثمرات القسمين فهنا مقامان :
الأوّل
في التعرّض للإشكالين ودفعهما فنقول :
أمّا الإشكال الأوّل فهو أنّ الواجب المشروط عبارة عمّا لا يوجد وجوبه قبل وجود شرطه ، وهذا يستلزم أحد المحذورين ، إمّا كون اللفظ في مثل أكرم زيدا إن جاءك مهملا بأن لا يكون المتكلّم منشئا ، وإمّا كون الوجوب منفكّا عن الإيجاب وكلاهما واضح الفساد.
وأمّا الثاني فهو أنّ الوجوب الذي هو مفاد هيئة افعل معنى حرفي ، والمعنى الحرفي لا يقبل الإطلاق والتقييد ، والبرهان على ذلك أمران ، الأوّل : أنّ المعنى الحرفي ما لا يستقلّ باللحاظ ، بل حاله في الذهن حال العرض في الخارج ، فكما أنّ العرض تقوّمه بالغير وكيف لوجوده ، فكذا المعنى الحرفي تقوّمه بالمعنى الاسمي وكيف للحاظه ، ومن المعلوم أنّ الإطلاق والتقييد فرعان لملاحظة المعنى مستقلّا ، والثاني أنّ المعنى الحرفي جزئيّ حقيقي ، ومن المعلوم أنّ الصالح لهذين الوصفين ليس إلّا الكلّي ، ولكنّك عرفت فيما سبق كلّية المعاني الحرفيّة فلا مانع من إطلاقها وتقييدها من جهة جزئيتها.