القيد ، ألا ترى أنّ من يعلم أنّ ما في الإناء مثلا هو الماء لو فرض كونه خلّا فيكون لهذا الفرض تأثير العلم الحقيقي بالخليّة.
إذا عرفت ذلك فالمتكلّم بقوله : إن جاءك زيد يفرض حصول المجيء في الخارج ، فيكون قيد الطلب في هذا اللحاظ حاصلا فينشأ الطلب فعلا ، فلا يلزم تفكيك الإنشاء عن المنشأ ولا تقييد معنى الهيئة الذي هو معنى حرفيّ ؛ وذلك لما عرفت من أنّ قيده حاصل فلا يحتاج إلى التقييد.
نعم لمّا كان واقع هذا التصوّر فرضا ومجرّد خيال بحيث متى انتقل بالنظرة الثانية إلى ذلك يلتفت إلى عدم حصول القيد في الخارج فلا محالة يكون الطلب موجودا بلا تأثير ، أمّا وجوده فلما عرفت من حكاية الفرض عن الخارج ، وأمّا عدم التأثير فلكون واقع علمه وطريقه فرضا ، فلا جرم يكون التأثير والمحرّكية والباعثيّة للمأمور في الطلب وللفاعل في الإرادة الفاعليّة متوقّفا على حصول القيد في الخارج بالعلم الحقيقي ، وسرّه أنّ لازم كون الطلب في عالم النفس حاصلا بعد فرض القيد وعلى تقديره ومبتنيا عليه بحيث يدوم بدوامه ويزول بزواله أن يكون تحريكه نحو المطلوب في عالم الخارج حاصلا بعد وجود القيد في الخارج علما.
ومن الأمثلة التي يتّضح كون القيد فيها مصحّحا للطلب لا مقيّدا للمطلوب قولك : إن كنت عقلك أو إن كنت عاملا بأمري فاذهب إلى المكان الفلاني ؛ فإنّ من المعلوم أنّ صلاح الذهاب غير مقيّد بصورة كون المتكلّم عقلا للمخاطب ، أو كون المخاطب عاملا بأمر المتكلّم بل هو ذو مصلحة وإن كانا منتفيين ، وإنّما الطلب قبيح بدونهما وحسن معهما.
المقام الثاني
اعلم أنّ من المسلّم فيما بينهم أنّ مقدّمة الواجب المشروط لا يكون واجبا مطلقا ، ويظهر ذلك منهم في بحث المقدّمة حيث اعترض على عنوان الباب بقولنا : مقدّمة الواجب واجبة أم لا؟ بأنّ لفظ الواجب شامل للمشروط مع أنّ مقدّمته ليست