كاشفا عن عدم الفرق بين الوضوء قبل الوقت وبين الوضوء بعده في أصل المقدّميّة ، كما لم يكن فيها فرق بين الطريق المغصوب والمباح في مسألة الإنقاذ ، وعن ثبوت المفسدة في إيجاب الوضوء قبل الوقت.
فرع
إذا كان الماء مباحا والآنية غصبيّة فالتكليف هو الوضوء أو التّيمم؟ المشهور على تعيّن التيمّم ؛ لأنّ التكليف بالوضوء المستلزم للاغتراف من الآنية الغصبيّة لا يمكن أن يجتمع مع حرمة الغصب ، فلا محالة يقدّم تحريم الغصب لأهميّته ، ومعلوم أنّه ليس مورد هذا الكلام ما إذا تمكّن المكلّف من اغتراف مقدار ما يكفى للوضوء دفعة واحدة ؛ فإنّ التكليف بالوضوء حينئذ على نحو الاشتراط بنفس الاغتراف المذكور لا مانع منه ، كالتكليف بالحجّ مشروطا بنفس ركوب الدابّة الغصبيّة ، وإنّما مورده ما إذا لم يتمكّن إلّا من اغتراف غرفة واحدة بحيث توقّف الاستعمال الوضوئي على اغتراف ثلاث غرفات على التعاقب ؛ فإنّ التكليف بالوضوء حينئذ على وجه الاشتراط أيضا غير ممكن ؛ لأنّه إن كان مشروطا بنفس الغرفة الاولى صار مستلزما للغصب بالنسبة إلى الغرفتين الاخريين ، وإن كان مشروطا بنفس الغرفة الثالثة فهذا باطل ؛ إذ ليس عنده حينئذ من الماء إلّا مقدار غرفة واحدة ، فلا محيص حينئذ عن ارتفاع التكليف بالوضوء.
وصاحب الفصول قدسسره حاول تصحيح الوضوء في الفرض مع حرمة الاغتراف بدون المنافاة بناء على ما ذكره في تصوير الوجوب التعليقي ببيان : أنّ الوجوب التعليقي على ما عرفت مشروط بالوصف الانتزاعي ، مثلا التكليف بالصوم المتوجّه من أوّل الليل مشروط بكون المكلّف ممّن يدرك اليوم ، فنقول فيما نحن فيه أيضا : إنّ التكليف بالوضوء المتوجّه من أوّل الوقت مشروط بكون المكلّف ممّن يغترف في الاستقبال ، فيكون تعلّق الطلب بالوضوء الحاصل في ظرف الاغتراف قبل حصول الاغتراف.