عدم بقاء شيء سوى وجود أصل تلك الطبيعة بلا زيادة شيء عليه لما كان تعدّد فى البين بالبديهة وإنما هذا التعدّد من قبل أمر آخر لا يعلمه الّا الله تعالى ، فوجود أصل الطبيعة أمر وحداني لا يقبل التعدد ويقبل الصدق على الكثيرين ولفظة «هذا» مثلا موضوعة لحقيقة وجود الإشارة إلى المفرد المذكر ، لكن حيث إنّ الإشارة تقتضى مقطعا خاصّا معيّنا ذهنيّا أو خارجيّا فلهذا تقع الإشارة بهذا إلى المفرد المذكر الخاص أبدا ، لا ان يكون للخصوصيات دخل فى معني هذا بحيث لو امكن الإشارة الى كلّى المفرد المذكر بكليته لكانت معنى هذا.
وبالجملة فالشبهة في جزئية هذه المعانى هى ان المعانى الانشائية وجودات خارجيه والوجود الخارجى لا يكون إلّا جزئيا ، والجواب أنّ الوجدان شاهد قطعي بأنّ الوجودات الخارجية بينها قدر مشترك وهو صرف الوجود ، وليست أشياء متباينة بالكنه ، لا جامع لها أصلا بحيث كان اطلاق لفظ الوجود عليها اطلاقا للفظ المشترك علي معانيه ، وهذا الجامع معروض للكثرة فى قولنا : الخبز كثير والماء كثير مثلا ، ضرورة أنّ كلّ فرد فرد لا يكون معروضا له ، وكذا مجموع الأفراد ، ومن المعلوم أنّ هذا الوصف له نفس أمريّة ويكون صدقا فى مورد وكذبا فى آخر.
وايضا لو علمت إجمالا بوجود زيد أو عمرو فكلّ منهما مشكوك الوجود ، فلو لم يكن بينهما جامع الوجود فما يكون متعلق عملك ، ولا شك أنّ كلّ طلب خارجى له خصوصيات خارجة عن حقيقته ، والمدّعى أنّه يمكن أن يلغي الواضع تلك الخصوصيات وينظر إلى نفس الطلب المجرد ويضع الهيئة للطلب المجرّد ، وهذا المفهوم أعنى صرف الوجود يشترك مع الماهية في أنّ كلّا منهما جامع ينتزعه العقل من الخارجيات ويجرّده عن الخصوصيّة ويكون وضع اللفظ بإزائهما في حال التجريد ، ويفارقها فى أنّ الخارج ظرف لوجود الماهية وظرف لنفس الوجود لا