آخر ، والمفروض عدم غرض آخر في البين ؛ لأنّ محلّ الكلام ما إذا لم يكن في البين سوى المقدّمة وذيها ، فيتعيّن أن يكون لأجل دخله في اقتضاء المقتضي وإلّا لزم لغويّته.
وحينئذ فنقول : المقتضي لوجوب المقدّمة ليس إلّا المقدّميّة وتوقّف الواجب النفسي عليها ، ودخل القيد المذكور في المقدّميّة مستلزم للدور ؛ لأنّ وجود ذي المقدّمة يتوقّف على وجود المقدّميّة وتحقّقها كما هو واضح ، فلو كان وجود المقدّميّة متوقّفا على الإيصال الذي هو في معني وجود ذي المقدّمة لزم الدور.
ويمكن الذبّ عن الكلّ ،
أمّا عن الأوّل فبإمكان أن تكون الطهارة أثرا لجزء المطلوب أعني الغسلتين والمسحتين مثلا لا لامتثال تمام المطلوب ،
وأمّا عن الثاني فبأنّه مجرّد استبعاد لا يعتنى به في مقابل حكم الوجدان باعتبار قيد الإيصال.
وأمّا عن الثالث فبالتزام أنّ أخذ قيد الإيصال يكون لأجل دخله في اقتضاء المقتضي، لكن نقول : إنّ المقتضي لوجوب المقدّمة على حسب مدّعى هذا القائل هو المقدّميّة ووصف الإيصال معا ، لا المقدّميّة فقط كما هو مدّعى غيره ، وبالجملة ، فجعل المقتضي هو المقدّميّة فقط ثمّ الإشكال بلزوم الدور ذهول عن مدّعى القائل المذكور.
فينحصر وجه بطلان هذا الوجه الأخير في أنّ الوجدان حاكم بأنّ المقتضي لوجوب المقدّمة ليس إلّا المقدّميّة والتوقّف ؛ إذ على هذا لا محيص عن إشكال الدور أو اللغويّة كما عرفت ، ومن هنا يتّضح فساد القول باعتبار قصد الإيصال ؛ فإنّ اعتباره بعد وضوح عدم مدخليّته في المقدّميّة وعدم غرض آخر في البين لغو.
فقد تلخّص ممّا ذكرنا أنّ التقييد بالإيصال غير ممكن على بعض الوجوه ، وخلاف الوجدان على بعض آخر ، لكنّ القول بأنّ ذات المقدّمة على وجه الإطلاق مطلوبة أيضا غير ممكن ؛ لعدم إمكان الإطلاق بعد عدم إمكان التقييد ، وأيضا