فينتفي استحقاق العقاب رأسا.
والجواب أمّا أوّلا : فبأنّه لو تمّ ما ذكره هنا لزم أن لا يقع الكذب في الأخبار المستقبلة، بيان الملازمة أنّه لو أخبر المخبر بأنّي غدا أشتري اللحم ، فعلى تقدير عدم الشراء لا وجه لتكذيبه ؛ إذ له أن يقول : إنّ الإخبار بشراء اللحم إمّا أن يكون على تقدير ايجاد جميع المقدّمات أو الأعمّ من ذلك وعدمها ، لا سبيل إلى الثاني لأوله إلى الإخبار عن الممتنع، فثبت الأوّل فيئول إلى الإخبار بشراء اللحم على تقدير وجود جميع المقدّمات ، والمفروض عدم وجود واحدة منها أو لا أقلّ من ذلك ، فلا يكون كذبا ؛ إذ عدم تحقّق اللازم في صورة عدم تحقّق الملزوم ليس كذبا في القضيّة الشرطيّة الخبريّة.
وأمّا ثانيا : فبأن اللازم على ما ذكره عدم استحقاق العقاب على ترك واجب أصلا ؛ لرجوع الواجبات بأجمعها إلى الواجب المشروط ، بيان ذلك أنّ كلّ واجب لا بدّ له من مقدّمة ولا أقلّ من إرادة الفاعل ، فحينئذ نقول : إمّا أن يريد ذلك الفعل في حالتي وجود المقدّمة وعدمها أو في حالة وجودها فقط ، والأوّل مستلزم للتكليف بما لا يطاق ، والثاني مستلزم لعدم استحقاق العقاب على ترك واجب من الواجبات ؛ إذ ترك الواجب المشروط بترك شرطه ليس موجبا للعقاب ، وليت شعري هل ينفعه وجوب المقدّمة في دفع هذا الإشكال؟.
وأمّا ثالثا : فبأنّ الحالات التي تؤخذ في موضوع الطلب إطلاقا أو تقييدا هي ما يمكن تعلّق الطلب بالموضوع معه ويجوز كونه في تلك الحالة باعثا للمكلّف نحو الفعل ، وأمّا ما لم يكن كذلك بأن لا يمكن معه أن يكون الطلب باعثا للمكلّف نحو الفعل فلا يعقل تقييد الطلب به ولا إطلاقه.
أمّا الأوّل فللزوم لغويّة الطلب ، وأمّا الثاني فلأنّه تابع لإمكان التقييد ، وحالتا وجود المقدّمة وعدمها من قبيل الثاني ، لأنّه على الأوّل يصير الفعل واجبا فلا يمكن تعلّق الطلب به على تقدير وجوبه ، وعلى الثاني يصير ممتنعا ، فلا يمكن أيضا تعلّق الطلب به على هذا التقدير ، وبعد عدم إمكان تقييد الطلب بأحدهما لا يمكن ملاحظة