خصوصا في الشبهة الموضوعيّة التي قد أطبقت على إجراء البراءة فيها كلمة العلماء رضوان الله عليهم من الاصوليين والأخباريين ، وإذا لم يكن الوجوب فعليّا لا مانع لصحّة العمل ؛ لأنّ المانع قد تحقّق في محلّه أنّه الوجوب الفعلي ؛ ولذا أفتى العلماء بصحّة الصلاة في الأرض المغصوبة في صورة نسيان الغصبيّة ، ولو انكشف الخلاف بعد ذلك لم يجب عليه الإعادة والقضاء ، وما نحن فيه من هذا القبيل.
وأوضح من ذلك صورة القطع بعدم المقدّميّة وانكشف بعد ذلك خطاء قطعه ؛ فإنّ الحكم بفساد صلاته موجب لفعليّة الخطاب حين القطع بعدمه.
والحقّ أنّ الشكّ في المقام ليس موردا لأصالة البراءة لا عقلا ولا شرعا ، أمّا الأوّل فلأنّ مقتضاها هو الأمن من العقاب على مخالفة التكليف الواقعي على تقدير ثبوته ولا يمكن جريانها هنا ؛ لأنّ العقاب لا يترتّب على مخالفة التكليف المقدّمي ولا يمكن الحكم بسقوط العقاب عن التكليف النفسي إذا استند تركه إلى هذه المقدّمة المشكوك مقدّميتها ؛ لأنّ التكليف النفسي معلوم ونعلم أنّ الإتيان به ملازم لهذا الترك الذي يحتمل كونه مقدّمة ، إنّما الشكّ في أنّ هذا الترك الذي قد علم كونه ملازما لفعل الواجب المعلوم هل هو مقدّمة أم لا ، وهذا لا يوجب سقوط العقاب عن الواجب النفسي المعلوم كما هو واضح.
وأمّا الثاني فلأنّه على تقدير كون الترك مقدّمة فالوجوب المتعلّق به بحكم العقل على حدّ الوجوب المتعلّق بفعل ضدّه ، فكما أنّه في هذا الحال يكون فعليّا منجّزا ، كذلك مقدّمته ، وعلى هذا الفرض لا يعقل الترخيص ، والمفروض احتمال تحقّق الفرض في نظر الشاك وإلّا لم يكن شاكّا ، ومع هذا الاحتمال نشكّ في إمكان الترخيص وعدمه عقلا ، فلا يمكن القطع بالترخيص ولو في الظاهر.
لا يقال : بعد احتمال كون الترخيص ممكنا لا مانع من التمسّك بعموم الأدلّة الدالّة على إباحة جميع المشكوكات واستكشاف الإمكان بالعموم الدالّ على الفعليّة.
لأنّا نقول : فعلى هذا يلزم من ثبوت هذا الحكم عدمه ؛ إذ لو بنينا على انكشاف الإمكان بعموم الأدلّة فاللازم الالتزام بدلالة العموم على عدم كون ترك الضدّ