المقصد الثاني في النواهي
«فصل»
في جواز اجتماع الأمر والنهي وامتناعه ، وليعلم أوّلا أنّ النزاع المذكور إنّما يكون بعد فرض وجود المندوحة وتمكّن المكلّف من إيجاد عنوان المأمور به في غير مورد النهي ، وإلّا فالمسلّم عند الكل عدم الجواز لقبح التكليف بما لا يطاق ، نعم ذهب المحقّق القمّى قدسسره إلى التفصيل بين ما إذا كان العجز مستندا إلى سوء اختيار المكلّف وعدمه ، فخصّ القبح بالثاني ، ومن هنا حكم بأنّ المتوسّط في الأرض المغصوبة منهي عن الغصب فعلا ومأمور بالخروج كذلك. ولكنّك خبير بأنّ هذا التفصيل يأبى عنه العقل ، بل لعلّ قبح التكليف بما لا يطاق مطلقا من البديهيّات الأوّليّة.
وكيف كان فقبل الشروع في المقصود ينبغي رسم امور :
أحدها : قد يتوهّم ابتناء المسألة على كون متعلّق التكاليف هو الطبيعة أو الفرد ، فينبغي التكلّم في مقامين :
أحدهما في تشخيص مرادهم في هذه المسألة
والثاني في أنّه هل يبتني النزاع في مسألتنا هذه عليها بمعنى أنّه لو اخذ بأحد طرفي النزاع فيها لزم الأخذ بأحد طرفي المسألة فيما نحن فيه أم لا؟
أمّا المقام الأوّل فنقول : يمكن أن يكون مرادهم أنّه بعد فرض لزوم اعتبار الوجود في متعلّق الطلب فهل الوجود المعتبر هو وجود الطبيعة أو وجود الفرد ، ويمكن أن يكون مرادهم أنّه بعد فرض اعتبار الوجود هل المعتبر أشخاص الوجودات الخاصّة أو المعنى الواحد الجامع بين الوجودات؟.
أمّا المقام الثاني فالحقّ عدم ابتناء مسألة جواز اجتماع الأمر والنهي وعدمه عليه ؛ إذ يمكن القول بأنّ متعلّق الأحكام هو الطبائع بكلا المعنيين الذين