اجتماعهما اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد حتى يجب عقلا تقييد أحدهما بغير مورد الآخر ، أو لا يلزم ، بل يمكن أن يتعقّل للأمر محلّ وللنهي محلّ آخر ولو اجتمعا في مصداق واحد؟ فهذا النزاع في الحقيقة راجع إلى الصغرى نظير النزاع في حجيّة المفاهيم.
الأمر الرابع : لا إشكال في خروج المتبانيين عن محلّ النزاع بمعنى عدم الإشكال في إمكان أن يتعلّق الأمر بأحدهما والنهي بالآخر إلّا على تقدير التلازم بينهما في الوجود كما لا إشكال في خروج المتساويين في الصدق ؛ لما عرفت من اعتبار وجود المندوحة ، كما لا إشكال في دخول العامّين من وجه في محلّ النزاع.
إنّما النزاع في أنّ العام المطلق والخاص أيضا يمكن أن يجري فيه النزاع المذكور أم لا؟ قال المحقّق القمّي قدسسره : إنّ العامّ المطلق خارج عن محلّ النزاع بل هو مورد للنزاع في النهي في العبادات.
واعترض عليه المحقّق الجليل صاحب الفصول قدسسره بأنّه ليس بين العامين من وجه والمطلق من حيث هاتين الجهتين فرق ، بل الملاك أنّه لو كان بين العنوان المأمور به والعنوان المنهيّ عنه مغايرة يجري فيه النزاع ، وإن كان بينهما عموم مطلق كالحيوان والضاحك ، وإن اتّحد العنوانان وتغايرا ببعض القيود لم يجر النزاع فيهما وإن كان بينهما عموم من وجه نحو : صلّ الصبح ولا تصلّ في الأرض المغصوبة ، هذا.
ويشكل بأنّه لو اكتفى المجوّز بتغاير المفهومين ووجود المندوحة فلا فرق بين أن يكون بينهما عموم من وجه أو مطلق ، وأن يكون العنوان المأخوذ في النهي عين العنوان المأخوذ في الأمر مع زيادة قيد من القيود أو غيره ، ضرورة كون المفاهيم متعدّدة في الذهن في الجميع ، ولو لم يكتف بذلك فليس له لتجويز الاجتماع في العامين من وجه أيضا مجال ، فاللازم على من يدّعي الفرق بيان الفارق.
قال شيخنا المرتضى قدسسره في التقريرات المنسوبة إليه بعد نقل كلام المحقّق القمّي وصاحب الفصول قدّس الله روحهما ما هذا لفظه : أقول : إنّ ظاهر هذه الكلمات يعطي انحصار الفرق بين المسألتين في اختصاص إحداهما بمورد دون