اختها ، وليس كذلك ، بل التحقيق أنّ المسئول عنه في إحداهما غير مرتبط بالاخرى.
وتوضيحه أنّ المسئول عنه في هذه المسألة هو إمكان اجتماع الطلبين فيما هو الجامع لتلك الماهيّة المطلوبة فعلها والماهيّة المطلوبة تركها من غير فرق في ذلك بين موارد الأمر والنهي ؛ فإنّه كما يصحّ السؤال عن هذه القضية فيما إذا كان بين المتعلّقين عموم من وجه ، فكذا يصحّ فيما إذا كان عموم مطلق ، سواء كان من قبيل قولك : صلّ ولا تصلّ في الدار المغصوبة أو لم يكن كذلك.
والمسئول عنه في المسألة الآتية هو أنّ النهي المتعلّق بشيء هل يستفاد منه أنّ ذلك الشيء ممّا لا يقع به الامتثال ، حيث إنّ المستفاد من إطلاق الأمر حصول الامتثال بأيّ فرد كان ، فالمطلوب فيها هو استعلام أنّ النهي المتعلّق بفرد من أفراد المأمور به هل يقتضي رفع ذلك الترخيص المستفاد من إطلاق الأمر أولا؟ ولا ريب أنّ هذه القضيّة كما يصحّ الاستفسار عنها فيما إذا كان بين المتعلّقين إطلاق وتقييد فكذلك يصح فيما إذا كان بينهما عموم من وجه كما إذا كان بينهما عموم مطلق ، وبالجملة فالظاهر أنّ اختلاف المورد لا يصير وجها لاختلاف المسألتين كما زعموا ، بل لا بدّ من اختلاف جهة الكلام ، انتهى موضع الحاجة من كلامه قدسسره.
أقول : والحقّ أنّ العنوانين لو كانا بحيث اخذ أحدهما في الآخر وكان بينهما عموم مطلق أيضا لا يطرق فيهما هذا النزاع. وتوضيحه أنّه : لا إشكال في تغاير المفاهيم بعضها مع الآخر في الذهن سواء كان بينهما عموم مطلق أم من وجه أو غيرهما ، وسواء كان أحدهما مأخوذا في الآخر أم لا ، إلّا أنّه لا يمكن أن يقال فيما إذا كان بين المفهومين عموم مطلق وكان أحدهما مشتملا على الآخر أنّ المطلق يقتضي الأمر والمقيّد يقتضي النهي ؛ لأنّ معنى اقتضاء الإطلاق شيئا ليس إلّا اقتضاء نفس الطبيعة ؛ إذ لا يعقل الاقتضاء لصفة الإطلاق ، والمقيّد ليس إلّا نفس تلك الطبيعة منضمّة إلى بعض الاعتبارات ، ولو اقتضى المقيّد شيئا منافيا للمطلق لزم أن يقتضي نفس الطبيعة أمرين متنافيين.