وبعبارة اخرى : بعد العلم بأنّ صفة الإطلاق لا يقتضي تعلّق الحبّ بالطبيعة ، فالمقتضي له نفسها ، وهي متّحدة في عالم الذهن مع المقيّد ؛ لأنّها مقسم له وللمطلق ، فلو اقتضى المقيّد الكراهة لزم أن يكون المحبوب والمبغوض شيئا واحدا حتّى في الذهن وهذا غير معقول ، بخلاف مثل مفهوم الصلاة والغصب مثلا ؛ لعدم الاتّحاد بينهما في الذهن أصلا.
الأمر الخامس : قد يتراءى تهافت بين الكلمات حيث عنونوا مسألة جواز اجتماع الأمر والنهي ومثلوا له بالعامين من وجه ، واختار جمع منهم الجواز وأنّه لا تعارض بين الأمر والنهي في مورد الاجتماع ، وفي باب تعارض الأدلّة جعلوا أحد وجوه التعارض التعارض بالعموم من وجه ، وجعلوا علاج التعارض الأخذ بالأظهر إن كان في البين وإلّا التوقّف أو الرجوع إلى المرجّحات السنديّة على الخلاف. وكيف كان ما تمسّك أحد لدفع المنافاة بجواز اجتماع الأمر والنهي.
والجواب أنّ النزاع في مسألتنا هذه مبنيّ على إحراز وجود الجهة والمناط في كلا العنوانين وأنّ المناطين هل هما متكاسران عند العقل إذا اجتمع العنوانان في مورد واحد كما يقوله المانع أم لا كما يقوله المجوّز؟ ولا إشكال في أنّ الحاكم في هذا المقام ليس إلّا العقل ، وباب تعارض الدليلين مبنيّ على وحدة المناط والملاك في الواقع ، ولكن لا يعلم أنّ الملاك الموجود في البين هل هو ملاك الأمر أو النهي مثلا ، فلا بدّ من أن يستكشف ذلك من الشارع بواسطة الأظهريّة إن كان أحد الدليلين أظهر ، وإلّا التوقّف أو الرجوع إلى المرجّحات السندية حسب ما قرّر في محلّه ، نعم يبقي سؤال أنّ طريق استكشاف ما هو من قبيل الأوّل وما هو من قبيل الثاني ما ذا؟ وهذا خارج عن المقام.
إذا عرفت ذلك فلنشرع فيما هو المقصود من ذكر حجج المجوّزين والمانعين.
فنقول وعلى الله التوكّل : أحسن ما قيل في تقريب احتجاج المجوّزين هو أنّ المقتضي موجود والمانع مفقود ، أمّا الأوّل : فلما عرفت من أنّ فرض الكلام ليس إلّا فيما يكون المقتضي موجودا ، وأمّا الثاني : فلأنّ المانع ليس إلّا ما تخيّله الخصم من