بالامتناع ، وإنّما الكلام في أنّ حكم العقل في مورد التصادق حينئذ على القول بالامتناع ما ذا؟
والحقّ أنّه مختلف بحسب الموارد ، ففي مورد ثبوت المندوحة في أحد الملاكين بمعنى إمكان إحرازه في غير مورد التصادق يكون حكم العقل تقييد هذا الأحد بغير مورد التصادق وترجيح الآخر فيه وإن كان الأوّل أقوى وأهمّ بمراتب من الثاني ، ولا يوجب أقوائيته ترجيحه وطرح الآخر ؛ إذ لا وجه لرفع اليد عن أحد الغرضين ولو كان في غاية الضعف لأجل الآخر ولو كان في غاية القوّة بعد إمكان إحرازهما جميعا.
مثلا لو فرضنا أنّ المطلوبيّة في الصلاة متعلّقة بصرف الوجود المتساوي فيه جميع الأمكنة من دون مدخليّة لخصوصيّة مكان فيها ، ولكنّ المبغوضيّة في الغصب مستوعبة لجميع الخصوصيّات والأفراد وقلنا بامتناع الاجتماع ، فاللازم بحكم العقل هو الحكم من الابتداء باختصاص المطلوبيّة بما سوى الصلاة الواقعة في الدار المغصوبة وكونها مبغوضة لو تمكّن المكلّف من المكان المباح من دون حاجة إلى موازنة مصلحتها مع مفسدة الغصب.
ولهذا لو كان المقدّمة الغير المنحصرة للواجب حراما لم يقتض وجوب الواجب إلّا وجوب ما سواها من المقدّمات المباحة ، وفي مورد عدم ثبوت المندوحة من أحد الجانبين ، بمعنى عدم إمكان الجمع بين الغرضين بإحراز أحدهما في غير مورد التصادق ودوران الأمر بين إحراز هذا أو ذاك يكون حكم العقل ملاحظة مرجّحات باب المزاحمة وترجيح أقوى المتزاحمين.
ومن هنا ظهر حكم ما إذا تكفّل الروايتان للحكم العقلي وعلم وجود الملاكين في مورد التصادق فإنّ حكم العقل في هذه الصورة أيضا هو التفصيل المذكور بعينه ، والفرق بينها وبين الصورة السابقة هو أنّ التعارض هناك منتف على القولين كما عرفت ، وهنا منتف على القول بالجواز وثابت على القول بالامتناع ، وعلامته ما ذكر من التفصيل لا ملاحظة الأظهريّة والظاهريّة بين الروايتين ، ففي صورة ثبوت