والتحتيّة ؛ فإنّها امور انتزاعيّة متعلّقة في الذهن وليس شيء في الخارج يكون بحذائها ، ولكنّ المتّصف بها هي الذوات الخارجيّة بخلاف الحرارة ونظائرها ؛ فإنّ ما يكون بحذائها موجود في الخارج والمتّصف بها أيضا هو الذوات الخارجيّة ، والعرضي المتّحد من القسم الأوّل كالضارب يحمل على الذات بحمل ذو هو ، فمعنى زيد ضارب زيد ذو الضرب ، والعرضي المتّحد من القسم الثاني كالأب تسمّى بالخارج المحمول.
والثالث ما يكون عروضه واتصافه في الذهن كالكليّة ؛ فإنّها أمر يتعقّل في الذهن ومعروضه الطبائع الجامعة المتعلّقة في الذهن أيضا لا الأمر الخارجي ؛ فإنّ الخارجي لا يكون إلّا جزئيّا.
إذا تمهّد هذا فنقول : لا إشكال في كون الإرادة والطلب من الأعراض ، ولا في عدم كونه من القسم الأوّل ؛ لأنّ وجود هذا القسم في الخارج فرع وجود المعروض فيكون متأخّرا عنه رتبة ، ولا يعقل في الطلب أن يكون وجوده متأخرا في الرتبة عن المعروض ، للزوم طلب الحاصل والزجر عنه وكلاهما محال ، ولا في عدم كونه من القسم الثاني ؛ إذ يعتبر في الاتّصاف الخارجي لشيء بشيء عدم مناقضة الشيء الأوّل لوجود الشيء الثاني ، وعدم كونه علّة لعدمه ؛ إذ لا يعقل اتصاف الشيء بما هو علّة لعدمه ، ولا شكّ في أنّ وجود موردي الأمر والنهي معدم لهما ، فتعيّن كونه من القسم الثالث فيكون حال الطلب [حال] وصف الكليّة ، فكما أنّ وصف الكليّة يعرض على الطبائع في الذهن فكذا الطلب أيضا يعرض عليها في الذهن ، لكنّ الطبيعة من حيث هي لمّا لم يكن إلّا هي فلا بدّ من لحاظ الوجود معها أيضا ، فيكون متعلّق الأمر طبيعة الصلاة باعتبار الوجود مثلا ، ومتعلّق النهي طبيعته الغصب بهذا الاعتبار ، ولا شكّ في أنّهما شيئان متمايزان في الذهن وإن اتّحدا في الوجود الخارجي.
فإن قلت : على ما قرّرت من أنّ متعلّق الطلب هو الطبيعة المقيّدة بالوجود الذهني فالمراد بالوجود الذهني الذي هو القيد المقوّم ما ذا؟ لا يعقل أن يكون المراد ذهن الآمر ، وأمّا ذهن المأمور فلازمه كفاية التصوّر في مقام الامتثال وعدم لزوم