باتّحادها في الخارج لا يمكن الحكم بعينيّة بعضها مع بعض إلّا بعد فرض التغاير ، فإنّه لا يعقل الحكم بأنّ هذا عين ذاك إلّا بعد فرض وجود هذا وذاك في البين ، فلا بدّ في مقام الحمل من نظرين طوليين ، تفصيلي واجمالي ، وذلك بأن ينظر الطرفين أوّلا اثنين ، ثمّ ينظرهما واحدا في الخارج فيحكم باتحادهما فيه.
وحينئذ فما يعرض على أحد الطرفين في النظرة الاولى أي النظر التفصيلي التحليلي لا يسري إلى الآخر ؛ لمكان التغاير والبينونة بينهما في هذا النظر ، وذلك مثل وصفي الموضوعيّة والمحموليّة اللاحقين لذاتي الموضوع والمحمول عند ملاحظة كلا منهما منفردا ومنفصلا عن الآخر مقدّمة للحمل والحكم بالاتحاد.
ومثل الجنسيّة والفصليّة العارضين لذاتي الجنس والفصل عند تحليل العقل الشيء الخارجي بحسب الحقيقة بجزءين قبل الحكم باتّحادهما.
ومثل وصف الكليّة العارضة على صرف الوجود المضاف إلى أصل الطبيعة في مقام تجزئة العقل بين الجهة الجامعة بين الأفراد وبين الخصوصيّات المتميّزة لها قبل الحكم بالاتّحاد.
ومثل وصف الكثرة في قولنا : الماء في الدنيا كثير اللاحق بصرف وجود الماء في لحاظ التجريد لا لأصل الطبيعة ولا للأفراد.
وحينئذ فنقول : لا إشكال في أنّ الطالب يحلّل في ذهنه الأجزاء التي لها دخل في غرضه عن الأجزاء الآخر ويعلّق طلبه بماله الدخل في غرضه دون غيره ، فيكون صرف الوجود بالنسبة إلى الخصوصيّات التي لا دخل لها في الغرض معروضا للطلب في عالم تخليته عن تلك الخصوصيّات ، فلهذا لا يسري الطلب منه إلى الأفراد.
وممّا ذكرنا يتّضح وجه الحكم في مسألة فرعيّة وهي أنّ بيع الصاع من الحنطة مثلا يتصوّر على وجهين ، الأوّل : أن يبيع الكلّي في الذمّة ، ولازمه كون التلف من البائع قبل التعيّن ، والثاني : أن يبيع صاعا من الصبرة المشاهدة وهو يتصوّر على ثلاثة وجوه :
الأوّل : أن يكون على وجه النكرة بأن يكون المبيع إحدى الصيعان المشتمل