أقل ثوابا بالنسبة إلى الفرد الخالي عن تلك الحزازة.
فإن قلت : ينافي هذا الذي ذكرت من ارتفاع الكراهة الفعليّة من البين إطلاق المكروه على هذه العبادة.
قلت : حال الكراهة هاهنا حال الحليّة في الغنم ، فكما أنّ حليّة الغنم حكم اقتضائي متعلّق بحيث الغنميّة لو خلّي وطبعه مع قطع النظر عن الطواري والحالات ، بمعنى أنّ الغنم لو لوحظ في قبال الكلب والخنزير حكم الشارع بحليّته ، فلهذا لا منافاة بينهما أصلا ، وبين أن يكون الحكم الشرعي الفعلي للغنم بسبب العوارض حرمة أشدّ من حرمة الكلب والخنزير فكذا الكراهة هاهنا ؛ فإنّ جعل الشارع حكم الكراهة في موضوع يكون على نحوين :
الأوّل : أن يكون حكما فعليّا ناظرا إلى جميع الأحوال والطواري.
والثاني : أن يكون حكما اقتضائيّا متعلّقا بالحيثيّة مع قطع النظر عن جميع الطواري ، فهذا القسم لا منافاة أصلا بينها ، وبين أن يكون الحكم الشرعي الفعلي لهذا الموضوع بسبب العوارض الخارجيّة هو الوجوب أو حكما آخر مضادّا للكراهة ، ونظيره في الإخبارات قولنا : الرجل خير من المرأة ، فإنّه إخبار عن خيريّة حيثية الرجل مع قطع النظر عن الطواري من حيثيّة المرأة كذلك ، ولهذا تكون هذه القضيّة صادقة حتّى في مورد صارت المرأة بسبب الضمائم الخارجيّة خيرا من الرجل فعلا.
ومن هنا ظهر أنّ لفظ الكراهة في هذا المقام يكون بمعناه في سائر المقامات ، غاية الأمر أنّ لازم اجتماع الحزازة مع ملاك الأمر أهليّة الثواب ، لا أنّ للفقهاء في هذا المقام في هذا اللفظ اصطلاحا جديدا.
أمّا القسم الثاني فامتناع الاجتماع فيه غير مختص بالقول بالامتناع ، بل هو ثابت على القول بالجواز أيضا ؛ وذلك لما عرفت سابقا من خروج المطلق والمقيّد المفهوميين والمصداقيين عن محلّ النزاع ، فلو تعلّق النهي بالمقيّد وجب تقييد المطلق وإن كان النهي تنزيهيّا.