واستدلّ للقول الثاني بأنّ الفعل الواحد الذي يكون حسنا بالذات أو بالعنوان الطاري إذا اعتبر فيه جميع ما له دخل في صلاحه وحسنه فمجرّد الاختلاف الزماني لا يعقل أن يوجب تغيير حسنه وقبحه.
نعم يوجب اختلاف الزمان اختلاف الحكم إذا كان لخصوصيّة الزمان مدخل فيه فيكون الفعل في زمان حسنا وفي زمان قبيحا كما في الصوم ، لكن هذا راجع إلى تعدّد الموضوع ، فالخروج الذي هو فعل واحد ولا يتعدّد بتعدّد الزمان ـ بمعنى أنّه ليس هنا خروجان كان أحدهما بطيئا والآخر سريعا ، مثلا إذا كان أحدهما قبل الدخول والآخر بعده ـ لا يعقل أن يكون قبيحا قبل الدخول وحسنا بعده إذا فرض كونه حسنا بعد الدخول لأجل التخلّص به عن الحرام ، فلا بدّ من الحكم به في سائر الأزمان بلا فرق.
والجواب أنّ صيرورة الشيء متعلّقا للحسن والصلاح يكون بأحد نحوين ، الأوّل : أن يكون بنحو الإطلاق ، والثاني : أن يكون بنحو الاشتراط ، فعلى الأوّل يلزم تحصيل القيود ، وعلى الثاني لا يلزم ، بل ربّما يكون مبغوضا كما في الكفارة عقيب إفطار الصوم.
وحينئذ من المعلوم بالوجدان أنّه يمكن أن يكون الشيء الواحد قبيحا مطلقا ، ولذا لزم السعي في المنع من حصول قيده ، ولكن بعد حصول القيد صار حسنا بالعرض كما في التفرّد بضيافة زيد ؛ فإنّه ربّما يكون مبغوضا مطلقا فيسعى في عدم حصول مجيئه حتّى الإمكان ، ولكن بعد حصول المجيء يصير حسنا دفعا للمحذور الأشدّ المترتّب على ترك التفرّد بالضيافة.
وما نحن فيه من هذا القبيل ؛ فإنّ الخروج يكون قبيحا مطلقا ولذا يلزم السعي في عدم حصول قيده وهو الدخول ، وبعد حصوله يصير حسنا بالعرض ، والحاصل أنّ الممتنع هو اجتماع القبح المطلق مع الحسن المطلق في الشيء الواحد ولو في زمانين إلّا في حقّ غيره تعالى الممكن منه النسخ والبداء ، وأمّا اجتماع القبح المطلق مع الحسن المشروط فلا محذور فيه ، وإن شئت قلت : لا استحالة في اجتماع القبح المطلق