للفعلي ، فالواجب عقلا في جميع الصور تقييد ذي المندوحة وإن كان دليل غيره متعرّضا للفعليّة وكان أظهر ، وكذا على مبنى صاحب الكفاية قدسسره من ترجيح الأقوى والأهمّ مع معلوميّة الأهمّ.
وأمّا لو لم يكن معلوما فإن كان الدليلان متعرضين للحكم الفعلي وكان أحدهما أظهر، فمقتضى الجمع العرفي تحكيم الأظهر على الظاهر وجعله قرينة صارفة له في مورد التصادق ، فيكون مدلول الأظهر فعليّا ، فيستكشف من ذلك أقوائيّته بطريق الإنّ ، ولو تساويا في الظهور فهل يرجع إلى المرجّحات السنديّة ومع فقدها يؤخذ بأحدهما تخييرا اصوليّا، أو يتوقّف من أوّل الأمر ويرجع إلى مقتضي الأصل؟
قولان مبنيّان على أنّ العامّين من وجه في مورد تصادقهما بعد تساويهما في الظهور هل هما مشمولان للأخبار العلاجيّة أو لا ، بل مورد تلك الأخبار ما إذا كان بين مضموني الخبر التباين الكلّي ولم يمكن العمل بكليهما معا أصلا ، والحقّ هو الثاني ، فيكون المرجع هو الأصل ، وعلى تقدير القول بالأوّل يحكم تعبّدا بأقوائيّة ما كان دليله أرجح سندا أو مأخوذا طريقا.
ولو كان الدليلان متعرضين للحكم الاقتضائي فالمرجع هو الأصل بلا كلام ، وهل هو ما ذا؟ فنقول : إمّا أن يكون الشكّ في أصل وجود الأقوى سواء كان على تقدير وجوده معلوم الوجود في أحد الطرفين بعينه أو مشكوكا أيضا ، وإمّا أن يكون في تعيينه مع العلم بأصل وجوده ، ففي الأوّل مقتضى أصالة البراءة عن التكليف الايجابي والتحريمي تساوي الملاكين ، فيكون الفعل مباحا ، ولكن يكون عبادة ومسقطا للأمر ؛ لفرض وجود ملاك الأمر فيه مع عدم كونه مبعّدا بمقتضى الأصل المزبور ، وفي الثاني مقتضى الأصل في جانب النهي عدم العقاب على هذا الفعل الخاص ، وفي جانب الأمر الاجتزاء بهذا الفرد ؛ لرجوع الشكّ في الأوّل إلى أنّ التحريم هل يسري إلى هذا الخاص أولا ، وفي الثاني إلى أنّ المطلوب هل هو المطلق أو المقيّد بالوقوع في غير المكان المغصوب ، فيكون طرفا الشك من قبيل الأقلّ والأكثر الارتباطيين ، والمرجع فيهما البراءة.