بابتلاء البدن بالنجاسة مع عدم رفع الحدث إلّا احتمالا ، ويكون الأمر بالإهراق كناية عن عدم نفعهما في رفع شيء من الحدث والخبث لا أن يكون حكما تعبديّا.
وحينئذ يبقى الموردان الآخران تحت القاعدة ، فالمشهور على أنّ مقتضي القاعدة فيهما هو التوضؤ من الأوّل ثمّ تطهير مواضع الملاقاة بالثاني ثمّ التوضؤ منه ؛ فإنّه لو فعل ذلك لقطع بحصول رفع الحدث كما هو واضح ، وأمّا الخبث فيتعارض الأصلان فيه ؛ وذلك لأنّه يعلم بحدوث التنجّس عند ملاقاة الماءين ويشكّ في بقائه ، وكذا يعلم بحصول الطهارة عند ملاقاة أحدهما ويشكّ في بقائهما ، فالاستصحابان متعارضان فيرجع إلى قاعدة الطهارة، فيصير المكلّف واجدا للطهارة من الحدث ومن الخبث ظاهرا ، فيجوز له الدخول في الصلاة.
وذهب المحقّق الخراساني قدسسره إلى عدم جريان شيء من الاستصحابين ليكونا متعارضين لأنّه يعتبر في الاستصحاب إحراز اتّصال زمان الشكّ بزمان اليقين لو لوحظت الأزمنة بطريق القهقرى وهذا مفقود في المقام ؛ لأنّ زمان اليقين بالطهارة هو زمان الفراغ عن استعمال الماء الطاهر ، وزمان اليقين بالنجاسة زمان الفراغ عن استعمال الماء النجس وكلاهما مردّد بين الزمانين ، وزمان الشكّ في الطهارة والنجاسة هو الأزمنة المتأخّرة وهي متّصلة بزمان الفراغ عن استعمال الماء الثاني ولم يحرز كونه زمان اليقين بالطهارة ولا زمان القطع بالنجاسة. هذا إذا كان الماء الثاني كرّا ليكون بمجرّد إصابته مطهّرا لمواضع الملاقاة على تقدير تنجّسها بالماء الأوّل.
وأمّا لو كان قليلا وكافيا للتطهير والوضوء فحيث إنّ التطهير به حينئذ على تقدير نجاسة الماء الأوّل يتوقّف على التعدّد تكون النجاسة عند الفراغ عن الغسلة الاولى بالماء الثاني منتفية ؛ لدوران الأمر بين أن تكون النجاسة حادثة بالماء الأوّل وباقية إلى هذا الحين وأن تكون حادثة بالماء الثاني ، وعلى أيّ حال يكون المحلّ متنجّسا في هذا الحال ، فيكون زمان الشكّ في النجاسة وهو الأزمنة المتأخّرة عن هذا الحين متّصلا بزمان اليقين بها ، بخلاف زمان الشكّ في الطهارة ؛ فإنّه لم يحرز