اتّصاله بزمان اليقين بها ، لدوران الأمر بين أن يكون زمان اليقين بها زمان الفراغ عن الغسلة الثانية بالماء الثاني وأن يكون زمان الفراغ من استعمال الماء الأوّل ، فلهذا يكون استصحاب النجاسة حينئذ جاريا بدون استصحاب الطهارة.
وحينئذ يصير المكلّف بواسطة العمل المذكور طاهرا من الحدث واقعا ومبتلى بالخبث ظاهرا ، فيدور الحكم مدار أهميّة الطهارة المائيّة بنظر الشارع أو طهارة البدن عن الخبث ، فإن قيل بأهميّة الثاني ـ كما يظهر من حكمهم بصرف الماء في رفع الخبث عند دوران الأمر بينه وبين الصرف في رفع الحدث ـ كان المتعيّن هو التيمّم.
والحاصل أنّ التوضّؤ من الإنائين المشتبهين له صور ، أحدها : أن يكون كلّ من الماءين بقدر الوضوء ، وهذا هو المتيقّن من مورد الأخبار ، والثانية : أن يكون الثاني بقدر التطهير والوضوء قليلا كان أو كرّا ، والثالثة : أن يكون كلّ منهما بقدر الوضوء والتطهير ، فيتوضّأ بالأوّل ثمّ يطهر بالثاني ، ثمّ يتوضّأ به ثمّ يطهر بالأوّل ، فإن قلنا بشمول الأخبار لجميع هذه الصور كان الحكم تعبّديا ، والأمر بالإهراق إمّا نفسيّ ، وإمّا كناية عن عدم الاعتناء بالماءين ، وإن قلنا بانصرافها إلى الصورة الاولى فلا بدّ في الصورتين الأخيرتين من المشي على القواعد ، وقد مضى الكلام في أدلتها وأنّ مختار المشهور فيها متّحد مع مختار المحقّق المذكور نتيجة مع كرّية الماء الثاني ، ومختلف معه فيها مع كونه قليلا ، وبقي الكلام في الثانية.
فنقول : القائل في الصورة الثانية بجريان الاستصحابين وتعارضهما يقول به هنا بلا فرق ، وأمّا القائل هناك بجريان استصحاب النجاسة بلا معارض مع كون الماء الثاني قليلا فلا بدّ أن يقول هنا بعدم جريانه ، مع أنّ هذه الصورة مشتركة مع الصورة السابقة في إحراز اتّصال زمان الشكّ بزمان اليقين ، غاية الأمر أنّ زمان اليقين هنا زمان الفراغ عن الغسلة الاولى بالماء الأوّل في المرّة الثالثة لا زمان الفراغ عن الغسلة الاولى بالماء الثاني ؛ إذ النجاسة فيه مقطوع الارتفاع ؛ إذ لو كانت هي الباقية فقد ارتفع بالغسلة الثانية بالماء الثاني ، وإن كانت هي الحادثة فقد ارتفعت بالغسلة الثانية بالماء الأوّل ، بخلاف النجاسة في زمان الفراغ عن الغسلة الاولى بالماء