المستفاد من الأدلّة أيّ منها؟.
فذهب شيخنا المرتضى قدسسره إلى أنّ ما يستفاد من الأدلّة ويكون قاعدة كلّية هو عدم التداخل ويكون معمولا به في مورد الشكّ كباب المنزوحات ، لا في مورد القطع بالتداخل من جهة النصّ الخاص كما في باب الأحداث ، لقوله عليهالسلام : «إذا اجتمعت لله عليك حقوق أجزأك غسل واحد».
والدليل على هذه الدعوى وإن كان أصله مأخوذا من كلماته قدسسره في مواضع عديدة من كتبه ، إلّا أنّا نذكره مع زيادة تنقيح ليست في كلامه قدسسره وهو : أنّ القضيّة المبدوّة بإن وإذا ونحوهما على ما هو المعروف أو المجمع عليه ظاهرة في عليّة الشرط للجزاء وكونه علّة منحصرة ، فيكون منطوقها بمقتضى الأوّل الثبوت عند الثبوت ، ومفهومها بمقتضى الثاني الانتفاء عند الانتفاء ، ولا يخفي أنّ مقتضى إطلاق القضيّة تحقّق العليّة التامّة لجميع مصاديق الطبيعة التالية لأداة الشرط ، فكما أنّ الموجود أوّلا من مصاديقها يكون مؤثّرا تامّا فكذا الموجود منها ثانيا وثالثا وهكذا أيضا يكون مؤثرا تامّا مستقلا كالأوّل بلا فرق ، لتحقّق الطبيعة في جميعها ، فقوله : إذا نمت فتوضّأ مثلا وإن كان رفع اليد عن ظهوره في المنحصريّة للقطع بعدمها لقوله : إذا بلت فتوضّأ ، إلّا أنّ ظهوره في عليّة النوم للوضوء محفوظة ، ومقتضى إطلاقه عدم الفرق بين ما وجد من مصاديق النوم أوّلا وما وجد منها ثانيا وثالثا وهكذا ، وتخصيص العليّة بالموجود منها أوّلا تقييد للنوم في القضية بأوّل الوجودات أو بالوجود الغير المسبوق بالوجود من دون مقيّد.
فإن قلت : ما وجه الفرق بين قولنا : النوم واجب والنوم سبب ، حيث نقول في الأوّل بكون مقتضى الإطلاق اختصاص الوجوب بأوّل الوجودات وفي الثاني بكون مقتضاه سراية السببية إلى جميع الوجودات؟
قلت : الأسباب العادية الدنيويّة المعلومة عند العرف يكون السببيّة فيها متعلّقة بالوجود الساري كحرارة النار السارية إلى كلّ فرد منها ، وحينئذ فالأسباب الشرعيّة وإن كان العرف جاهلا بأصل سببيّتها لو لا إعلام الشرع ، ولكن إذا أعلم