النهي المتعلّقين بعنوانين مجتمعين في وجود واحد ، أو لا بدّ عقلا من تقييد أحدهما ، وهنا أنّ التحريم هل هو ملازم للفساد أولا.
وموردا (١) بأنّه لو كان بين العنوانين عموم وخصوص مطلقا مفهوما وخارجا يجري فيهما هذا النزاع دون النزاع المتقدّم وقد مرّ وجهه ، وأمّا غير هذا المورد فالقول بالامتناع وتقييد جانب الأمر بجعله من مبادي هذا النزاع ، وأمّا على القول بالجواز فلم يتعلّق نهي بالعبادة أصلا.
الثاني : أنّ هذا النزاع هل هو عقلي او لفظي؟ الظاهر الأوّل ؛ إذ لا إشكال في أنّ هذا النزاع ليس راجعا إلى أنّ معنى النهي المتعلّق بالعبادة أو المعاملة هل هو الإرشاد إلى الفساد أو التحريم ، بل هو راجع إلى أنّ التحريم التكليفي سواء كان مستفادا من اللفظ أو من غيره ملازم للفساد أولا؟ ويشهد لذلك ظاهر الكلمات والعنوانات.
أمّا الأوّل ، فلأنّ استدلالهم على الفساد في العبادات بأنّ الوجود المبعّد لا يمكن أن يكون مقرّبا ظاهر في كون النزاع في أمر عقلي لا لفظي ، ومن هذا السنخ أيضا استدلالاتهم في جانب المعاملات ، وأمّا الثاني فلأنّ تقرير العنوان بأنّ النهي هل هو موجب للفساد أو لا ، ظاهر في ذلك ؛ إذ الموجب بمعنى العلّة ، ولا يقال : إنّ اللفظ علّة لمعناه ، بل يقال : إنّه دالّ عليه ، فلو كان النزاع في أمر لفظي لكان حقّ العبارة في العنوان أن يقال : هل النهي دالّ على الفساد أولا ، فمعنى العبارة المذكورة أنّ العنوان من حيث نفسه تام لا مانع فيه بحيث لو لا المانعيّة من قبل النهي كان صحيحا بلا كلام ، فليس حاله حال الصلاة في اللباس النجس أو في جزء غير المأكول اللحم ، حيث إنّها في حدّ نفسها فاسدة ، فالنهي فيها دالّ على الفساد ولا علّة له.
وأمّا مجرّد وجود القائل بإنكار الملازمة عقلا وإثبات الدلالة الالتزاميّة لفظا في المعاملات فلا يوجب كون النزاع في أمر لفظي ، بل لا بدّ من إبطال هذا القول كما
__________________
(١) عطف على سؤالا وجوابا ، أي يفترق عن هذا المبحث موردا.