فإن قلت : لا معنى لوجود المزاحم بين المحبوبيّة والإرادة ، لعدم الفصل بينهما ، وبالجملة متى تحقّق المحبوبيّة التامّة تحصل إرادة الفعل بسرعة ، ولا يمهل الإرادة المضادّة أن يوجد قبلها.
قلت : لو كان الفعل في عين الصلاح بحيث لا يشوبه ذرّة مفسدة ولكن كان في نفس إرادته مفسدة أعظم من مصلحة نفسه فهل ترى نفسك تقدم عليه؟.
فإن قلت : إنّا لو فرضنا أنّ الفعل في غاية المحبوبيّة وبلا مزاحم ، ونفس الإرادة أيضا بلا مزاحم ، وحينئذ فكيف يمكن عدم وقوعها؟.
قلت : لو كانت الإرادة غير اختياريّة فما شأن المريد يلاحظ في وجودها وعدمها الضرّ والنفع ووجود المزاحم وعدمه ، ولو كانت غير اختياريّة لوجب أن يوجد سواء كان ضارّا أم نافعا كحركة المرتعش ، أو لا يوجد كذلك كالطيران إلى السماء ، كيف وحال الإرادة في ذلك حال الفعل الخارجي بعينه ، حيث إنّه أيضا لو تمّ صلاحه وفقد مزاحمه من جميع الجهات لم يعقل من العامل أن يتركه ، وأيضا يلاحظ في فعله وتركه الضرّ والنفع ، فإذا كان حال الإرادة في جميع ذلك حال الفعل الخارجي بلا فرق كفى ذلك في المطلوب.
* * *