نهى عن الصلاة المشتملة على العزيمة أو في الحرير أو في المكان المغصوب وعلم كونه لأجل أحدها ، فإن كان النهي راجعا إلى أحد الامور لبّا ونسب إلى العبادة بالعرض والمجاز ومن قبيل نسبة الوصف بحال المتعلّق ، كان حاله حال النهي عن أحدها ، وإن كان راجعا إلى نفس العبادة حقيقة ، وكان أحد الامور واسطة في الثبوت لا في العروض بأن أوجب المفسدة في نفس العبادة ، كان من قبيل القسم الأوّل الذي قد مرّ أنّه من محلّ الكلام بلا كلام.
إذا عرفت هذه الامور فلنذكر الاستدلال في طرفي العبادات والمعاملات في مقامين :
المقام الأوّل في العبادات ، فنقول وعلى الله الاتكال : هنا احتمالات في الفرق بين العبادة وغيرها بحسب التصوير الاولى.
الأوّل : أنّ العبادة ما يعتبر فيه داعي الأمر فلا يجزي بدونه بخلاف التوصّلي ،
الثاني : أنّه لا يلزم في العبادة داعي الأمر بل يلزم كونها على وجه يحصل القرب الفعلي بها فلا يجزي بدونه بخلاف التوصّلي.
فعلى كلّ من هذين الاحتمالين لا إشكال في أنّ النهي موجب لفسادها ؛ إذ بعد وجود النهي لا يمكن هنا وجود الأمر حتى على القول بالجواز ، كما مرّ وجهه سابقا ، وبعد وجود المبغوضيّة الفعليّة لا يمكن وجود الحسن الفعلي ، وإن كان الجهة موجودة ـ كما عرفت ـ فلا يمكن أن يكون مقرّبا فعليّا.
الثالث : أنّه لا يلزم الداعي المذكور ولا القرب الفعلي ، بل يكفي في العباديّة مجرّد التواضع والخضوع والخشوع وإظهار العبوديّة والتعظيم للمولى ، وهذا غير ملازم للقرب الفعلي؛ لإمكان اجتماعه مع المانع عنه كما هو المشاهد في الموالي الظاهريّة ؛ فإنّ بعض التواضعات غير موجب للقرب عندهم ، فعلى هذا الاحتمال يمكن حفظ عنوان العبادة مع وجود النهي ، فيكون مجزيا كالتوصّلي بمعنى كونه مسقطا للأمر المتعلّق لغيره مع كون نفسه محرّما ؛ لحصول الغرض به ؛ إذا الفرض عدم دخل شيء في الغرض سوى عنوان التواضع ، هذا في مقام التصوير.