«المقصد الثالث في المفاهيم»
مقدّمة : المفهوم ما يكون غير المنطوق والمدلول الأوّلي للفظ ويكون لازما للكيفيّة الخاصة الثابتة للمدلول الأوّلي ، ويجب أن يكون الدلالة عليه دلالة لفظية مستندة إلى اللفظ ليصحّ عدّ هذا المبحث من مباحث الألفاظ ، وذلك بأن يكون الانتقال إلى خصوصيّة المعنى الأوّلي موجبا للانتقال إلى المعنى الآخر عرفا لكون المعنى الآخر لازما بيّنا بالمعنى الأخصّ لتلك الخصوصيّة ، فلو انتفى هذا الانتقال في مقام لزم الحكم بعدم المفهوم فيه ، فالنزاع في ثبوت المفهوم وعدمه في الحقيقة راجع إلى أنّه هل يكون للفظ مدلول خاص يلزم من الانتقال إلى خصوصيته الانتقال إلى معنى آخر أولا؟.
«فصل»
المعروف ثبوت المفهوم للقضيّة الشرطيّة ، فقولنا : إن جاءك زيد فأكرمه ، مشتمل على كيفيّة خاصّة مستلزمة لقضيّة سالبة هي قولنا : إن لم يجئك فلا يجب إكرامه ، ومرجع هذا القول إلى دعوى الظهور الوضعي أو العرفي الثانوي أو الظهور المستند إلى مقدّمات ، مثل ظهور الأمر في الطلب التعييني بمعونة احتياج غيره إلى المئونة الزائدة ، لا مثل الظهور المستند إلى مقدّمات الحكمة في المطلقات ؛ لانفكاكه عن اللفظ في مورد عدم ثبوت تلك المقدّمات ، والمدّعى في المقام هو الظهور الغير القابل للانفكاك من اللفظ ، فلا بدّ أن يكون مستندا إلى مقدّمات غير منفكّة عنه ، نظير ما قلنا في كلمة «كلّ» من كونها قرينة على إرادة الإطلاق من مدخولها.
وليعلم أوّلا أنّه لا نزاع في الحكم الشخصي بمعنى أنّ انتفائه عند انتفاء موضوعه عقلي لا يقبل النزاع ، فإذا قيل : إذا جاء زيد فأكرمه فعند عدم تحقّق المجيء عدم تحقّق وجوب الإكرام المسبّب عن المجيء عقليّ ، وبالجملة ، فانتفاء الموضوع الشخصي موجب لانتفاء الحكم الشخصي المتعلّق بذاك الموضوع عقلا ، وانّما النزاع