الشرط ، وعدمه يصير منشئا لانتزاع وصف آخر له وهو كونه مع الغير على الأوّل ووحده على الثاني ، فهذان وإن لم يكونا من الكيفيّات الخارجيّة لكن يكونان من الأوصاف والحالات الاعتباريّة.
ثمّ إنّه استدلّ المنكرون للمفهوم بوجوه ،
منها : ما عزّي إلى السيّد قدسسره ممّا حاصله أنّ المستفاد من الأداة ليس إلّا شرطيّة التالي والشرطيّة غير ملازمة لعدم البدل والقائم مقامه ؛ إذ الشرائط التي لها بدل لا تعدّ ولا تحصى ، مثلا شهادة العدلين شرط للقبول ، وقيام امرأتين يقوم مقام العدل الواحد ، وكذا اليمين وأربع نساء يقوم مقام العدلين وهكذا.
والجواب أنّ المقدّمة الاولى غير مفروغ عنها وذلك لأنّ مدّعي المفهوم لا يستند إلى ملازمة الشرطيّة لعدم البدل حتّى يرد عليه ما ذكر ، بل إلى ظهور القضيّة في الانحصار كما عرفت ، فالأولى منع هذا الظهور ومطالبة مدّعيه بإقامة البرهان.
ومنها : الاستدلال بآية (لا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) ؛ إذ لازم القول بالمفهوم عدم حرمة الإكراه في صورة عدم إرادة التعفّف.
والجواب أنّ محلّ الكلام في القضيّة الشرطيّة هو ما إذا كان للقضيّة موضوع ومحمول وشرط ، وكان الموضوع ثابتا في صورتي وجود الشرط وعدمه ولم يكن لوجود الشرط وعدمه دخل في وجود الموضوع ، بل كان وجوده محفوظا في كلتا الحالتين ، ففي قولك : إن جاء زيد فأكرمه ، الموضوع زيد ، والمحمول وجوب الإكرام ، والشرط هو المجيء ، فالقائل بالمفهوم يقول بأنّ الحكم المحمول على زيد في صورة وجود المجيء وجوب الإكرام وفي صورة عدمه عدم وجوبه.
وأمّا ما إذا كان الشرط محقّقا لوجود الموضوع بحيث لزم من انتفائه انتفاء الموضوع فعدم الحكم حينئذ عند عدمه ليس من باب المفهوم ، بل لأجل ارتفاع الموضوع ، وقد عرفت أنّ ارتفاع الحكم بارتفاع موضوعه عقلي خارج عن محلّ الكلام ، فلو قال : إن رزقت ولدا فاختنه أو إن ركب الأمير فخذ ركابه ، فعدم وجوب الختان وأخذ الركاب عند عدم الشرط إنّما هو لأجل انتفاء الموضوع وهو