استغراقي كقوله عليهالسلام : «إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء» حيث إنّ الجزاء سالبة كليّة ، فقال الشيخ صاحب التعليقة قدسسره : بكون المفهوم موجبة جزئيّة ، والشيخ المرتضى بكونه موجبة كليّة ، ومن هنا ذهب إلى انفعال الماء القليل بكلّ نجاسة ، وهذا النزاع كما ترى جار في جميع المحصورات الأربع. وكيف كان فما يمكن أن يكون وجها لنظريهما أحد أمرين :
الأوّل : أنّه لو اخذ العموم في هذه القضيّة وأمثالها في طرف المنطوق على وجه الموضوعيّة فلا إشكال في أخذه كذلك في طرف المفهوم ، إلّا أنّ هنا امورا لم يلحظها المتكلّم قيدا للقضيّة وحالة لها ، ولكنّها تصير من حالات القضيّة وصفاتها قهرا ، وذلك مثل العموم الاستغراقي ، وبيان ذلك أنّ القضيّة المسوّرة بكلمة «كل» ونحوها يمكن لحاظ العموم فيها بوجهين :
الأوّل أن يلحظ بالمعنى الاسمي ومستقلا وموضوعا بحيث صار الأفراد أجزاء ارتباطيّة له ، وحينئذ فليس له امتثال واحد لو وقع مأمورا به.
والثاني أن يلحظ بالمعنى الحرفي ومرآتا للأفراد وهو عبارة عن لحاظ إجمالي محيط بالآحاد منفردا منفردا ، وحيث كان تعداد الأفراد تفصيلا وترتيب الحكم على كلّ على حده موجبا للتطويل والإطالة جعل هذا اللحاظ مرآتا لها ، وحينئذ فيتعلّق الحكم لا محالة بالمرئى وهو الآحاد منفردا منفردا دون المرآة ، فينحل إلى أحكام عديدة ويتعدّد بذلك مناط الإطاعة والمعصية ، ويتّضح الحال في القسمين بملاحظة الحال في لفظ العشرة وأمثالها ؛ إذ فيها أيضا يمكن هذان اللحاظان بعينهما ، ولا يلزم في اللحاظ الثاني استعمال كلمة «كلّ» ونحوها في غير معناها ؛ إذ هنا مرحلتان ، مرحلة الاستعمال ومرحلة الحكم ، ففي الاولى قد لوحظ العموم بالمعنى الاسمي وفي الثانية بالمعنى الحرفي.
إذا تقرّر ذلك فإن لاحظ المتكلّم العموم على الوجه الأوّل فلا كلام ، وإن لاحظ على الوجه الثاني فهو حينئذ وإن لم يلحظ إلّا على نحو المرآتية الصرفة دون الموضوعيّة ، إلّا أنّ لحاظه كذلك لمّا صار موجبا لتعلّق الحكم بالآحاد من دون