استثناء واحد منها فقد أوجب ورود العموم وعروضه على القضيّة قهرا ؛ إذ يصدق عليها أنّها قضيّته عامّة لا يخرج عن تحت حكمها فرد واحد من أفراد عنوان موضوعها.
فكما أنّ قولنا : هذا واجب الإكرام وهذا واجب الإكرام وهذا واجب الإكرام ، وهكذا إلى آخر الأفراد موجب لانتزاع العموم في البين وإن لم يتّصف به واحدة من تلك القضايا ، فكذلك قولنا : كلّ عالم واجب الإكرام أيضا موجب لانتزاع العموم في البين ولكن يتّصف به هذه القضيّة قهرا ؛ فإنّ الثاني أيضا إشارة إجماليّة عقليّة إلى كلّ واحد واحد من الأفراد منفردا.
وحينئذ فنقول : يمكن أن يكون كلام صاحب التعليقة قدسسره ناظرا إلى أنّ العموم في هذه القضيّة وأمثالها وإن لوحظ مرآتا لا موضوعا ، إلّا أنّه لا يخفى أنّ القضية الشرطيّة قضيّتان صارتا بواسطة أداة الشرط قضيّة واحدة.
وبعبارة اخرى أنّها قضيّة مربوطة بقضيّة اخرى ، فللقضيّة الجزائيّة لحاظان ، لحاظ نفسها ولحاظ إناطتها بالقضيّة الشرطيّة ، فالعموم في لحاظها الأوّل وإن كان ملحوظا على وجه المرآتية ، إلّا أنّه في لحاظها الثاني ملحوظ على وجه الموضوعيّة ، ووجه ذلك أنّه لا بدّ أوّلا من تماميّة القضيتين ثمّ من إيقاع الارتباط بينهما ، فلا جرم تكون القضيّة الجزائيّة مع جميع توابعها ولواحقها الحاصلة لها قصدا أو قهرا منوطة بالقضيّة الشرطيّة ، ومن جملتها وصف العموم ، فيصير محصّل معنى القضيّة المذكورة أنّ كرّية الماء موجبة لتحقّق قضيّة عامّة هي قولنا : «لم ينجّسه شيء» فعدمها موجب لارتفاع هذه القضيّة العامّة ، وهو يحصل بالإيجاب الجزئي كما بالإيجاب الكلّي.
ويكون كلام شيخنا المرتضى قدسسره ناظرا إلى أنّ المفهوم لا يؤخذ عن المنطوق بعد ورود العموم عليه ، بل القيود التي لاحظها المتكلّم في المنطوق لا بدّ من لحاظها في المفهوم على نحو لحاظها في المنطوق ، فكما أنّ العموم ملحوظ في المنطوق على وجه المرآتيّة نفيا ، فلا بدّ أن يكون في المفهوم أيضا ملحوظ كذلك ، وحينئذ فيكون عروض العموم على المنطوق والمفهوم في عرض واحد.
وبعبارة اخرى كلام المتكلّم بمنزلة مائة قضيّة منطوقيّة فيكون المفاهيم أيضا