وحينئذ فحيث إنّ مفاد القضيّة هو الانحصار أيضا ، كما هو المبنى للقول بالمفهوم فيصير المحصّل ثبوت العليّة المنحصرة للكريّة بالنسبة إلى كلّ فرد من العموم ، فيلزم من انتفائها انتفاء جميع الأفراد لانتفاء علّتها المنحصرة ، فينتفي بانتفاء الكرّية عدم التنجيس بالنسبة إلى جميع النجاسات ، فيصير الجميع منجّسا ، والمدّعي للإيجاب الجزئي له أن يمنع ما ذكر من استفادة العليّة التامة المستقلّة من القضيّة الشرطيّة ويقول بأنّ استفادة أصل الترتّب وإن كان حقّا كاستفادة الانحصار ، إلّا أنّ الترتّب المستفاد أعمّ من أن يكون على نحو الترتّب على العلّة التامّة أو على الجزء الأخير منها ؛ وذلك لأنّ المستفاد منها ليس إلّا مجرّد أنّه متى وجد الشرط فليس لترتّب ما هو الجزاء وهو عموم السلب في المثال المذكور حالة منتظرة ، وهذا أعمّ من كون الشرط علّة تامّة للعموم المذكور وكونه علّة متمّمة له ، وحينئذ فيكون القدر المتيقّن عند انتفاء الشرط انتفاء الحكم عن بعض أجزاء العموم فلا يفيد المثال المذكور في طرف المفهوم أزيد من الإيجاب الجزئي.
«فصل»
لا إشكال في أنّه قد يؤتى بالوصف لأجل أن يكون معرّفا للموضوع لعدم مميّز آخر له سواه مع أنّه لا دخل للوصف فيما هو المراد ومتعلّق الغرض أصلا وإنّما اتي به لمجرّد توضيح الموضوع وتعريفه ، وذلك مثل ما يقال : جئني بذلك الرجل الأبيض قلنسوته أو الأبيض قبائه أو الأطول من الجميع مشيرا إلى شخص لا يميّزه المخاطب من بين جماعة هو فيهم إلّا بهذا النحو من الأوصاف.
كما أنّه قد يؤتى به لأجل كونه محلا للابتلاء إمّا لغلبة الوجود وإمّا لقربه من المخاطب ، مثلا كما لو قيل : جئني بماء من القناة إذا كان تعيين هذا الماء لكونه أقرب من المخاطب من ماء آخر ، لا لتعلّق غرض بخصوصه ، والقسم الأوّل لا يجري إلّا في الموضوعات الشخصيّة ؛ إذ هي التي تشتبه على المخاطب أحيانا ، وأمّا الموضوعات الكليّة فلا تشتبه على أحد حتّى يحتاج إلى المميّز.