فالرجل في قولك : أكرم الرجل العالم ليس كالموضوع الشخصي حتّى يمكن أن يكون العلم مميّزا له ، نعم يمكن أن يؤخذ الوصف في الكليّات معرّفا لكلّي آخر يكون هو الوصف للكلّي الموصوف ، ولكن لمّا كان تشخيص مصاديقه صعبا على المخاطب اتى بوصف آخر يكون ملازما له ولا يشتبه مصاديقه عليه لأجل تعريف ذلك الوصف الذي له الدخل واقعا، كما أنّ الأوصاف التي تكون واردة مورد الغالب كما في آية (وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ) لا مجرى لتوهّم دلالتها على المفهوم أصلا كما هو واضح.
وحينئذ فنقول : إنّ القضايا الكليّة بعد إحراز أنّ الوصف فيها ليس من قبيل الأوصاف المميّزة التى تكون تمام الدخل لموصوفها كما هو المفروض ، وإحراز أنّه ليس واردا مورد الغالب تكون ظاهرة عند العرف في عليّة الوصف للحكم وكونه دخيلا فيه وأنّه لا يكون أجنبيّا صرفا عن الحكم وغير مربوط به أصلا ، وهذا هو المصحّح لحمل المطلق على المقيّد عند اجتماع شرائطه من وحدة الحكم ووحدة السبب.
كما لو ورد : إن ظاهرت فاعتق رقبة ، وورد أيضا : إن ظاهرت فاعتق رقبة مؤمنة ، وعلم أنّ الحكم في كليهما هو الوجوب مع إيجاد سببه من الظهار ؛ إذ لو لم يكن للوصف ربط بالحكم أصلا لما كان وجه للحمل في الصورة المزبورة كما هو أوضح من أن يخفى ، ولهذا أيضا قد اشتهر أنّ الأصل في القيد أن يكون احترازيّا ولكن مجرّد هذا لا يكفي لإثبات المفهوم ؛ لوضوح عدم منافاة ثبوت العليّة للوصف عليّة شيء آخر ، فالمدّعي للمفهوم يحتاج مضافا إلى ذلك إلى دعوى ظهور القضيّة في الانحصار.
ومن هنا ظهر ما في الاستدلال للمفهوم بما لا يفيد أزيد من العليّة مثل التمسّك بحمل المطلق على المقيّد ؛ فإنّه لا يقتضي إلّا كون الوصف مضيّقا لدائرة الموضوع بالنسبة إلى هذا الحكم المسبّب من هذا السبب من دون منافاته لتعلّق الحكم من جهة سبب آخر بالمطلق.
فتحصّل أنّ العليّة وإن كانت مستفادة من القضيّة الوصفيّة ، ولكن في استفادة الانحصار إشكال ولا بدّ لمدّعي المفهوم من إثباته بالتبادر فإن ادّعاه فعليه عهدته.