«تذنيب»
لا إشكال في أنّ حال المفهوم هنا على القول به ليس بأقوى من حاله في القضيّة الشرطيّة ، فكما أنّه هناك يتعرّض لحال موضوع القضيّة عند عدم الشرط من دون تعرّض لحال موضوع آخر فكذا هنا ، فكما أنّ مفهوم قولنا : إن جاءك زيد فأكرمه لا يتعرّض لحال العمرو وأنّه عند عدم المجيء واجب الإكرام أولا ، فكذا مفهوم قولنا : أكرم الرجل العالم أيضا غير متعرّض لحال المرأة وأنّها عند عدم العلم واجب الإكرام أولا.
وإذن فيختصّ مورد الكلام هنا في ثبوت المفهوم بما إذا كان للموصوف مورد افتراق من الوصف بأن يكون الوصف أخصّ مطلقا ، أو أعمّ من وجه حتّى يحكم على القول بالمفهوم بانتفاء سنخ الحكم من الموضوع في مورد الافتراق ولا يحكم به على القول الآخر ، وأمّا ما إذا لم يكن من جانب الموصوف مورد افتراق بأن يكون الوصف مساويا أو أعمّ مطلقا فخارج عن محلّ الكلام ؛ إذ يلزم من انتفاء الوصف حينئذ انتفاء الموضوع.
نعم يظهر ممّا حكي بعض الشافعيّة من القول بدلالة قولنا : في الغنم السائمة زكاة بالمفهوم على عدم الزكاة في معلوفة الإبل أنّه حاول أن يقول هنا بمفهوم أقوى ممّا يقال به في القضيّة الشرطيّة أيضا ، وذلك بأن يدّعى أنّ القضيّة الوصفيّة يستفاد منها عليّة الوصف لنفس الحكم في أيّ موضوع كان ، فيدور الحكم ثبوتا مدار ثبوت الوصف سواء تحقّق هذا الموضوع أم لا ، ونفيا مدار نفيه كذلك ، وعليه فيعم محلّ الكلام ما إذا كان الوصف مساويا أو أعمّ مطلقا كما هو واضح.
ولكنّك عرفت بطلان أصل الدعوى المذكورة وأنّ العليّة المستفادة إنّما هي بالنسبة إلى الحكم المتعلّق بهذا الموضوع لا غير.