«فصل»
في أنّ القضيّة المغيّاة بغاية كقولك : اجلس في المسجد إلى الزوال تدلّ على ارتفاع الحكم عند حصول الغاية أولا؟ ومعنى المفهوم هنا أيضا هو انتفاء سنخ الحكم لا شخصه ، وإلّا فارتفاع شخصه عند حصول الغاية واضح إلى النهاية وهو معنى كون الغاية غاية ، فمعنى ثبوت المفهوم للمثال ظهوره في عدم تحقّق سبب آخر عقيب الزوال اقتضى وجوب الجلوس منه إلى الغروب مثلا ، ومبدأ الارتفاع يعتبر من حين حصول الغاية بناء على خروجها عن المغيّا وممّا بعدها بناء على دخولها فيه.
ثمّ إنّ الغاية بحسب القضيّة اللفظيّة قد يكون قيدا للحكم وقد يكون قيدا للموضوع ، والظاهر أنّ المعيار أنّه كلّما كانت الغاية من قبيل الزمان كان ظاهرا في الأوّل كالمثال المتقدّم، ومنه قوله عليهالسلام : «كلّ شيء حلال حتّى تعرف أنّه حرام» وقوله : «كلّ شيء طاهر حتى تعلم أنّه قذر» وكلّما كانت من قبيل المكان ونحوه كان ظاهرا في الثاني كما في سر من البصرة إلى الكوفة ، واقرأ أوّل الآية إلى آخرها ، فإنّ الظاهر أنّ متعلّق الحكم في أمثالهما هو الفعل المحدود بالحدّين.
ففصّل بين الصورتين في الكفاية فجعل التحقيق في الثاني عدم الدلالة على انتفاء سنخ الحكم عن غير المقيّد بالغاية كعدم دلالة التقييد بالوصف على انتفائه عن غير المقيّد بالوصف مع الدلالة على انتفاء شخصه بسبب انتهاء الفعل إلى غايته ، وجعله في الأوّل هو الدلالة على ارتفاع سنخ الحكم بحصول غايته ، وجعل هذا واضحا إلى النهاية ، وعلّله بأنّه لو لا ذلك كما كانت الغاية بغاية.
وأنت خبير بعدم الفرق بينهما أصلا ؛ فإنّ الأوّل أيضا يدل على ارتفاع شخص هذا الحكم الذي اقتضى جعله سبب خاص بحصول غايته من دون دلالة له أصلا على ارتفاع سنخه بعد الغاية ولو كان مسبّبا من سبب آخر.
فالحقّ عدم ثبوت المفهوم للغاية من دون أن يكون في هذه الجهة فرق بين الصورتين ، نعم يظهر الفرق بينهما في الأصل الجاري عند الشكّ في ثبوت الحكم بعد