المقصد الرابع في العام والخاص.
«فصل»
ليعلم أوّلا أنّ العام المقصود هاهنا ليس هو العام المنطقي الذي يعبّر عنه بالكلّي ويعرف بما لا يمتنع فرض صدقه على كثيرين ؛ فإنّ هذا هو المسمّى في الاصول بالمطلق فهو المقصود في باب المطلق والمقيّد.
ثمّ إنّهم ذكروا تعريفات للعامّ ، وأوردوا عليها خدشات إمّا عكسا وإمّا طردا ، وهذا يدّل على أنّ المعرّف معنى واضح عند الجميع ، والأولى أن يعرّف بما يكون مسوّرا بسور محيط بأفراد حقيقة واحدة كما في كل عالم والعلماء وجميع العلماء ، فخرج مثل لفظ «كلّ» و «الجميع» ؛ فإنّها أداة العموم وليس بعام ، وكذلك لفظ عالم وعلماء وأمثالهما ، فإنّها مطلق لا عام وإنّما يصير عاما إذا كانت مصدّرة ومسوّرة بأحد أدوات العموم.
ثمّ إنّ العموم يكون على ثلاثة أقسام ، الأوّل العموم الاستغراقي وهو أن يكون كلّ واحد من الأفراد متعلّقا للحكم ومناطا للنفي والإثبات مستقلا ، والثاني العموم المجموعي وهو أن يكون مجموع الأفراد من حيث الاجتماع متعلّقا ، والثالث العموم البدلي (١) وهو أن يكون المتعلّق من الأفراد لا على التعيين كمفاد النكرة ، والانقسام إلى هذه الأقسام يتصوّر على نحوين :
الأوّل : أن يكون حقيقة المعنى في الجميع واحدة وهو معنى الجميع ، لكن يحدث عند تعلّق الحكم بهذا المعنى أنحاء ثلاثة ، فالاختلاف إنّما جاء من قبل كيفيّة تعلّق الحكم بهذا المعنى الواحد ، الأوّل أن يلحظ الهيئة الاجتماعيّة بالمعنى الحرفي ويجعل عبرة ومرآتا للأفراد فيحكم على كلّ فرد مستقلا ، الثاني أن تكون هذه الهيئة
__________________
(١) وهذا غير المطلق ؛ فإنّ دلالة المطلق على العموم البدلي عقلي وبمقدّمات الحكمة ، وهنا وضعي أو عرفي وبدلالة اللفظ مثل قولنا في الفارسيّة : هركدام دلت مى خواهد ، فتدبّر ، منه رحمهالله.