لكن في الكفاية بعد تصوير جعل شخص اللفظ موضوعا فيما إذا كان الحكم معلّقا عليه من حيث الخصوصيّة عمّم ذلك لصورتي إرادة النوع والصنف فقال : بل يمكن أن يقال: إنّه ليس أيضا من هذا الباب أي باب الاستعمال ، بل يكون من باب الموضوع ما إذا اطلق اللفظ واريد به نوعه أو صنفه ، إلى قوله قدسسره : الخامس.
وحاصل مجموع الكلام من الاستدراك وما قبله إلى أنّ القضايا التي حكم فيها على اللفظ على قسمين ، لأنّه إمّا أن يكون الحكم فيها ساريا إلى الفرد الذي تكلّم به المتكلّم ، وإمّا أن لا يكون ساريا إليه ، فعلى الثاني كما في قولنا : «ضرب فعل ماض» أو «زيد في ضرب زيد فاعل» تعيّن كون التكلّم بالموضوع من باب الاستعمال.
وعلى الأوّل كما في قولنا : «ضرب ثلاثي» أو «زيد في ضرب زيد لفظ» يمكن أن يكون من باب الموضوع ، بأن كان المتكلّم وإن أحضر شخص اللفظ للمخاطب إلّا أنّه حكم بلحاظ الجامع ومع إلغاء الخصوصيّة لا بلحاظها.
ويمكن أن يكون من باب الاستعمال بأن يكون لفظ زيد في المثال مثلا مستعملا في جامع «زاء ياء دال» على هذه الهيئة نوع استعمال الالفاظ في معانيها ، وقد عرفت أنّ شخص اللفظ لا يصلح للموضوعيّة ؛ لكونه متصوّرا بالتصوّر الإيجادي وهو غير كاف في الموضوع بل لا بدّ أن يتصوّر مفروغا عنه ، ولا فرق في ذلك بين ما إذا كان الحكم معلّقا على شخص اللفظ أو على الجامع.
فنقول في المقام : لا شكّ أنّ المتكلّم لا بدّ أن يتصوّر الجامع قبل المحمول ، فهذا الجامع المتصوّر يكون موضوعا ، وإيجاد اللفظ غير مرتبط به.
«فصل»
هل الألفاظ المفردة موضوعة بإزاء المعاني المتقرّرة المعرّاة عن الوجود الخارجي والذهني أو لها بوصف كونها ملحوظة في الذهن؟ قد استدلّ للأوّل بأنّ الثاني مستلزم لثلاثة توال فاسدة :
الأوّل : أنّ من المعلوم صحّة الحمل في القضايا من دون تجريد ، وعلى هذا يتوقّف