نعم لو كان الخاص دليلا لبيّا كان لهذا الاحتمال مجال ، كما لو علم من الخارج أنّه لا يريد إكرام العالم الفاسق من أهل البلد ، ولكن لم يكن منه في البين لفظ يدّل على هذا فقال: أكرم علماء هذا البلد.
وبالجملة إذا كان محفوظيّة الإرادة الجديّة في خصوص هذا الفرد الذي شكّ في كونه مصداقا لعنوان محكوم بحكم مضاد محتملة ، سواء ورد حكم هذا العنوان في الدليل اللفظي مع كونه عامّا من وجه ، أو ثبت حكمه بالدليل اللبّي مطلقا ، فأصالة العموم جارية ، بل يمكن التمسّك بها في رفع الإبهام والتحيّر عن الفرد وتبيين عدم كونه معنونا بهذا العنوان ، فيقال مثلا بعد ورود : لعن الله بني اميّة قاطبة والقطع بعدم جواز لعن المؤمن إذا شكّ في إيمان بعض بني اميّة : إنّ هذا البعض جائز اللعن بأصالة العموم في لعن الله الخ ، وكلّ مؤمن يحرم لعنه ، فينتج أنّ هذا ليس بمؤمن.
فإن قلت : لا شبهة أنّه لا يمكن أن يجعل أصالة العموم في الحكم طريقا لإحراز موضوع نفس هذا الحكم واستكشافه وهذا واضح ؛ إذ عموم الحكم فرع إحراز موضوعه ، فلو كان إحراز الموضوع أيضا متوقّفا على عمومه لزم الدور ، وبعد ما فرضتم أنّ المخصّص المنفصل يجعل موضوع العام مقيّدا ومضيّقا كالمتّصل ـ في كلمات الشارع وأمثاله ممّن جرت عادته بذكر القرائن لكلامه منفصلة يلزم ما ذكر من الإشكال ، فكما لا يمكن إحراز القيد بأصالة العموم فيما إذا كان المخصّص متّصلا بالعام فكذلك في المنفصل أيضا ؛ لأنّه بحكمه حسب الفرض.
قلت : لنا قسمان من القيود ، الأوّل ما أحال المتكلّم إحرازه إلى المخاطب ، ففيه يتمّ ما ذكرته ، فليس للمخاطب إحراز هذا القيد بأصالة العموم في كلام المتكلّم ، بل لا بدّ من إحراز المخاطب هذا القيد من الخارج ، والثاني القيد الذي جعله المتكلّم في عهدة نفسه وصار هو متعهّدا بإحرازه في تمام أفراد الموضوع ورفع مئونته عن عهدة المخاطب ، ففي مثله يجوز للمخاطب إحراز القيد بأصالة العموم في كلام المتكلّم ، كما أنّه يصحّ السؤال عن نفس المتكلّم عن حال الفرد المشكوك وأنّه واجد القيد أولا؟ وقد ذكرنا أنّه كلّ مورد كان كذلك كان مجرى لأصالة العموم ، فعلم ممّا ذكرنا أنّ ما