اشتهر من أنّ عموم الحكم فرع إحراز الموضوع وأنّ الحكم لا يمكن أن يستكشف ويحرز به موضوعه ليس على إطلاقه.
ثمّ إنّ في الكفاية فصّل بين ما إذا كان المخصّص لفظيّا فحكم بعدم الجواز كليّة وبين ما إذا كان لبيّا فحكم بالجواز كليّة ، وتمسّك بأنّ الحجّة من جانب المولى في قبال العام موجود في الأوّل وهو لفظه ، وأمّا في الثاني فليس في البين حجّة ملقاة من طرفه في قبال العام ، فلا بدّ من الأخذ بالعام الذي هو حجّة واحدة إلى أن يقطع بالخلاف.
وعلمت ممّا ذكرنا أنّ الجواز وعدمه يجريان في كلّ من اللفظي واللبّي ، والمناط في الجواز هو ما عرفت من احتمال التفحّص والتتبّع ، فمعه يجوز التمسّك في كليهما ، ومع عدمه لا يجوز في كليهما ، وعرفت أنّ هذا الاحتمال في اللفظي منحصر بما إذا كان خاصّا من وجه وكان هو والعام متعرّضين لحال الأفراد الموجودة فقط ، أولها ولما يأتي إذا كان المتكلّم عالما بالغيب واحتمل أنّه أصدر الكلام مبتنيا على العلم بالغيب.
وأمّا ما ذكره قدسسره أنّ اللفظي حجّة ملقاة من السيّد في قبال العام ، ففيه : أنّ القطع لا يقصر حاله عن لفظ السيد ، بل القطع حجّة أقوى من ظواهر الألفاظ ، فإذا كان اللفظ موجبا لسقوط العام عن الحجيّة في الفرد المشكوك كان القطع كذلك بطريق أولى.
إيقاظ
لا يخفى أنّ الخاص وإن لم يجعل العام معنونا بعنوان الضدّ إلّا أنّه يجعله معنونا بغير عنوانه ، فالعلماء في أكرم العلماء يصير بعد ورود لا تكرم الفسّاق معنونا بعدم الفسق ، وبصير موضوع وجوب الإكرام العلماء الغير الفسّاق ، لا العلماء العدول ، فاستصحاب عدم الفسق في الفرد المشكوك إذا كان مسبوقا به يكفي في الحكم بوجوب الإكرام من دون حاجة إلى إثبات العدالة حتى يكون أصلا مثبتا.